close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
من داخل إيران

النظام الحقوقي الإيراني شريك في ارتكاب جرائم الشرف

26 مارس 2022
ثمانه قدرخان
٦ دقيقة للقراءة

كان الوقت حوالي الظهر حين ظهر رجل يسير في أزقّة الأهواز حاملاً صرّة تَقطر منها قطرات الدم. كان يصرخ صرخات تدلّ على سروره وهو يحمل شنديانته في اليد الأخرى. كان يحمل رأساً مقطوعاً عيونه مغمضة وتتهدّل منه جدائل مُغطَّسة بالدماء. وكانت صاحبة هذا الرأس واحدة من حوالي 60 امرأة ممن قُتلنَ في السنتين الأخيرتين في محافظة خوزستان الإيرانية وكُنَّ ضحايا جرائم الشرف وقتل النساء.

ثمة أسئلة كثيرة تُطرَح بخصوص جرائم الشرف، كما أن ثمة أجوبة كثيرة أيضاً. لكن الواقع الملموس هو أرض الشوارع وخلف الأبواب المغلقة المليئة بألف تعصب وعُرْف وتقليد.

ليست هناك إحصاءات دقيقة عن جرائم الشرف في إيران. ومن غير شك أن السلطة القضائبة والمؤسسات الـمَعنية وصنّاع القرار يَعلمون الإحصاءات لكنهم لم يَنشروا قَطُّ إحصاءات موثوقة. ومع كل جريمة شرف أو نحر امرأة أو طفلة قاصر يُبدي النشطاء العاملون في مجال حقوق المرأة والطفل والأقليات الجنسية وعدد قليل جداً من مسؤولي الحكومة عن ردود فعلهم، لكن كلَّ شيء يُنسى ويُسكَت عنه حتى ارتكاب الجريمة التالية.

"مونا حيدري" التي صارت تُعرَف بالفتاة الأهوازية وانتشرت صور رأسها المقطوع في يد زوجها "سجاد"، هي آخر جريمة شرف مروِّعة في إيران ولم يستطع أحد حتى الآن تقبُّل هذه الكارثة.

صحيح أن قتل مونا حيدري اندرج ضمن جرائم الشرف لكنه يُعتبَر قتل قاصر أيضاً لأن عمر مونا كان أقل من 18 سنة حين قُتِلت. الأمر الآخر الذي أصبحت مونا ضحية له هو الزواج الإجباري؛ وهو برهان على وجود ظاهرة زواج القاصرات. واستياء مونا أدى إلى فرارها من المنزل ثم إلى قتلها.

بالنظر إلى أن نظام الاحتراز والعقوبات واقتراح إصلاح القوانين هو من صلاحيات السلطة القضائية فما الذي يمكن فعله وهذه السلطة لم تتخذ منذ سنوات أي عقوبة رادعة إزاء قتل المرأة وقتل البنات؟ لماذا لا تَمنع المؤسسات صانعةُ القرار حالاتِ القتل لأمثال مونا ورومينا وريحانة وفتيات ونساء أخريات في إيران؟

يُجيب عن هذه الأسئلة "حسين رئيسي"، محامٍ ورجل قانون وباحث وأستاذ في "جامعة كارلتون" في أوتاوا الكندية.

ما هي العناصر المؤثرة في تجاهل حقوق الطفل ولا سيما حقوق الفتيات القاصرات في إيران؟ وما هي نسبة مشاركة النظام الحقوقي-القانوني الإيراني في قتل القاصرات تحت يافطة جرائم الشرف؟ هل النظام الحقوقي الإيراني حامٍ لحق حياة القاصرات؟

يقول حسين رئيسي: "إن التجاهل الحقوقي والضعف البنيوي في النظام الحقوقي الإيراني يتسبب في نشر العنف ضد الأطفال ولا سيما القاصرات في المجتمع؛ وهذا العنف يؤدي في بعض الحالات إلى أن تَكون القاصرات هنّ الضحايا. والأمثلة على ذلك هي حالات القتل المروعة للقاصرات على أيدي أُسرهنَّ متضمنةً الزوج والأب والأخ وبقية أعضاء الأسرة؛ والنتيجة هي عنف الرجال ضد النساء".

يقول هذا المحامي: "تحت يافطة الشرف، وهو اسم خاطئ ولا معنى صحيحاً له ويَعود إلى الأنظمة المتحجرة في الماضي، يمارِس الأشخاص العنف ضد بقية أفراد الأسرة لأنهم يَظنون أنهم خرجوا عن انتماءاتهم ومبادئهم الرئيسة. في حين أن القانون يقول بتساوي حقوق جميع البشر. وحتى الطفل له حقوق متساوية باستثناء ما يُفرَض على والديه وبقية أعضاء الأسرة من حمايته لا ممارسة العنف بحقه".

ويضيف هذا الأستاذ الجامعي قائلاً: "لا مبرِّر لارتكاب العنف في مجال ينبغي أن يساعد فيه الآخرون الأطفالَ والقاصرات. وللتقليل من العنف ضد الأطفال، وتحديداً القاصرات، فإن قانون العقوبات الإيراني يسلك مسلكاً خاطئاً؛ لأنه يُخفِّض من عقوبة القاتل الذي يرتكب القتل العمد بين أولياء الدم، وخاصة حين تؤدي الدوافع المسمّاة دوافع ثقافية، ولا يمكن وصفها هكذا حقيقةً، إلى توسُّل الأشخاص بالعنف وسيلةً. وانطلاقاً من أن العقوبة ليست رادعة، وحين يُحكَم على والد رومينا الذي قطع رأس ابنته بالمنجل بتسع سنوات فقط؛ وأعتقد أنه كان ينبغي أن يُمضي جميع سنوات عمره في السجن، أو حين نقرأ حالياً عن حادثة قتل مونا حيدري وملابساتها من المشاجرة بين أسرتها وأسرة عمِّها ويتم الاكتفاء بأنها مسألة عائلية، فإن هذه جميعاً تتسبب في جعل حالات القتل شؤوناً خاصةً، بينما هي أهم مسألة ترتبط أرواح البشر بها؛ وهكذا تَذهب عنها أهميتها في هذه النزاعات. وهذا أكبر ضعف في النظام الحقوقي الإيراني".

إلى أي مدى يُعتبَر قانون العقوبات الإسلامي في القسم المتعلق بالقتل العمد؟ وإلى أي مدى يرتبط الأمر بالقوانين الفقهية في هذا الباب؟

يقول حسين رئيسي، الباحث في حقوق الطفل: "استناداً إلى تعريف الطفولة لا بدّ من القول إن الضعف الأكبر في النظام الحقوقي والقانوني الإيراني هو ضعف بنيوي تُشكِّل فيه سِنُّ البلوغ الحدودَ بين مرحلة الطفولة ونهايتها. وليس واضحاً الفقه الذي يستندون إليه في تزويج الفتاة القاصر في سنّ الـ9 سنوات؟ ولماذا ينبغي أن يقول لنا الفقهاء أن نزوِّج بناتنا في سنٍّ محددة؟ مع الأسف فإن الناس في إيران يُغمضون أعينهم إزاء العنف الذي يُرتكَب باسم الإسلام. وبينما يَكون الفقه وما فيه من تعريفات واستنباطات للمسائل الإسلامية مختلفاً فإن الدول الأخرى حَدّدت انتهاء سنّ الـ18 هي السنّ القانونية لزواج الفتيات".

يقول رئيسي إن تحديد سنّ الزواج في إيران – 13 سنة للفتيات و15 سنة للفتيان – هو أحد عوامل الفساد وتمهيد الأرضية لارتكاب العنف ضد القاصرات: "انطلاقاً من غياب الدعم الكافي وإمكانيات التعليم والتربية الصحيحة، وغياب الثقافة الرائدة التي تَسير بالمجتمع نحو التطور، وغياب الاعتراف بالمكانة الإنسانية للطفل وبأنه إنسان مستقل وكامل ويحتاج إلى الدعم، فإن هناك قضايا مهمة لا تُرى ويتم التنكر لها. الدعم بمعناه الصحيح لا بمعنى ضرب الطفل وإيذائه وقتله".

يردف حسين رئيسي: "بعض منابر النظام الإيراني الرسمية تتحدث لنفسها فقط بذرائع مثل الإنجاب والتحكم بالفساد وقضايا متعددة أخرى، وتُصرّ على كثرة الزيجات. هؤلاء يتصورون أنه لو زادت الزيجات فسوف يتم التحكم بالفساد. في حين أنهم يستطيعون حثّ الكبار على الزواج وتوفير الظروف لهم لا التشجيع على زواج الأطفال. لماذا يَستهدفون الأطفال؟ لماذا يستهدفون طلاب الثانويات؟ حين يُخفِّضون سنّ الزواج ويهتمون به يزداد العنف".

وبالنظر إلى أن السلطات الثلاث في إيران؛ السلطة القضائية والسلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، على اطلاع على إحصاءات قتل النساء وقتل القاصرات في إيران وكثيراً ما يتحدثون عنه فلماذا لا يمنعونه ولا يتخذون أي إجراء حياله؟ أين المشكلة البنيوية إذن؟ وبالنظر إلى أن نظام الاحتراز والعقوبات واقتراح إصلاح القوانين القضائية والحقوقية-القانونية هو في يد السلطة القضائية فماذا على الأخيرة أن تَقوم به؟ وما هي الأعمال التي أنجزتها السلطة القضائية حتى الآن؟

يجيب حسين رئيسي: "القانون في إيران يروج لزواج القاصرين والقاصرات، وبالتالي هو المروج للعنف. وأكثر المشكلات تَعود إلى النظام القضائي والسلطة القضائية في إيران. والموضوع الآخر هو عقوبة القصاص التي لا تَكون عادلة. فالقصاص لا يُوصَف حتى في القرآن بأنه من ضروريات الدين.

وهذه الأمور تروِّج للعنف ولا تناسب المكانة الإنسانية التي نتحدث عنها. هذه السلوكات تَعود إلى ما قبل الحضارة، ونحن نَدعو إلى وصول مجتمعنا إلى الحضارة وإلى اللحاق بركبها".

هل تزويج القاصرات الإجباري حرام في الفقه؟

لا يمكن الوصول إلى الحضارة من خلال العنف. فكلما كان لدينا العنف ومارسنا العنف ضد القاصرين والقاصرات في العلن وفي الخفاء، فإن الهدف الذي نريد أن نصل إليه لن يتحقق لأن طريقنا طريق خاطئ. يقول حسين رئيسي بهذا الشأن: "إذا أردنا تزويج القاصرة اليتيمة أو التي تعاني من بعض المشاكل بالإكراه، وقمنا بعقد صفقات من ورائها، ولم نَسمح لها بإبداء رأيها فإننا لا نقوم بعمل قانوني حقوقي. وأي حدث يَتبع ذلك فهو أمر فاسد لا قيمة له. كما أن الزواج والارتباط الحاصل بين الأشخاص بهذه الطريقة باطل أيضاً".

استناداً إلى كلام هذا الخبير في القانون، فإن الرجل الذي يكتب قرانه على فتاة قاصر، سواءٌ بالإصرار أم بوضع الفتاة في وضعٍ تَخجل فيه عن إبداء رأيها أمام تشجيع والدها لها، أو الفتاة التي ترضى بالزواج للخلاص من قسوة تعامل والدها، فإن هذا الزواج باطل لأن القاصر لا دور لها فيه".

هل يجب النظر إلى قتل البنت أو قتل الزوجة أو قتل المتحولين جنسياً في إطار الأعراف السائدة بين الشعب الإيراني على أنها غير قابلة للتغيير؟

يقول حسين رئيسي إذا عقدنا العزم على دعم فئة بعينها مثل القاصرات أو النساء بشكل عام أو المتحولين جنسياً فلا بدّ من الوقوف في وجه العشيرة والقبيلة.

ويوضح قضية بأن محاربة النظام العشائري لا تعني أن النظام العشائري خاطئ: "في تلك الأُسَر أعراف وتقاليد قيّمة جداً. ولو خضعت هذه الأسر لنظام دقيق وتم الاكتراث لتقاليدها وأعرافها، وتم تعليم أطفالها تعليماً صحيحاً في المرحلة الابتدائية، فهذا يعني أن الطريق المسلوك طريق صحيح".

إن محاربة قتل الزوجة وقتل الابنة وقتل المرأة عموماً هو مسعًى من أجل تطوير الإنسان. وحتى يتحقق تطوير الإنسان لا بد من القيام بنشاطات في مجال علم الاجتماع وعلم الإنسان وعلم النفس والحقوق والأنثروبولوجيا.

وفي حال تحققت هذه المجموعة من العوامل وتحسنت ظروف المجتمع فسوف يَدعم الأهالي أولادههم وبناتهم لأنهم يعشقونهم.

إرسال تعليق

Ad Component
تقارير

تقرير عن اختطاف آخر.. أين إبراهيم بابائي؟

25 مارس 2022
رقیه رضایی
٧ دقيقة للقراءة
تقرير عن اختطاف آخر.. أين إبراهيم بابائي؟