ولدت بارفين متحدة عام 1936 في مدينة يزد. كانت والدتها، السيدة رباب، أول معلمة في مدرسة يزد للبنين. أنهت بارفين تعليمها الابتدائي في يزد وعندما كانت في الثانية عشرة من عمرها انتقلت عائلتها إلى طهران، حيث أكملت تعليمها في المدرسة الثانوية وحصلت على شهادتها في وقت أبكر من العمر المتوقع. ذهبت بارفين إلى النمسا لمواصلة تعليمها. أنهت دراستها الطبية في جامعة فيينا في وقت قياسي وتوجهت إلى مدينة جراتس النمساوية لإتمام مرحلة الاقامة الطبية. تخصصت في جراحة العظام ثم حصلت على أعلى الدرجات في أمراض الروماتيزم.
خلال دراستها، عملت الدكتورة متحدة في مستشفيات مختلفة في فيينا وغراتس. لفتت موهبتها واجتهادها في العمل انتباه مسؤولي الجامعة مما أتاح لها فرصة مواصلة العمل في النمسا بوظيفة جيدة، لكنها أحبت بلدها وشعبها وعادت إلى إيران.
تمت دعوة الدكتورة متحدة للتدريس في جامعة طهران وبدأت عملها كبروفيسور مساعد. كما طُلب منها إنشاء قسم لأمراض الروماتيزم في كلية الطب بالجامعة وجناح أمراض الروماتيزم في مستشفى بهلوي بطهران، والذي أصبح مستشفى الإمام الخميني بعد الثورة الإسلامية عام 1979. كانت الدكتورة متحدة هي الأولى في إيران التي أسست مقرراً تعليمياً لأمراض الروماتيزم في إيران وأدارت بنفسها شؤون قسم الروماتيزم في المستشفى. كما افتتحت عيادتها الخاصة في طهران حيث قدمت، من بين خدمات أخرى، رعاية خاصة للفقراء. في عام 1983 تم طردها من الجامعة - تمامًا مثل جميع الأكاديميين البهائيين الآخرين في جميع أنحاء إيران في ظل الجمهورية الإسلامية.
بعد فترة وجيزة من غزو العراق لإيران عام 1980، تلقت الدكتورة متحدة دعوة من مركز البحوث الطبية التابع للجيش الإيراني للعمل في مشروع عسكري سري. على الرغم من الراتب المعروض كان مغرياً، إلا أن الدكتورة متحدة رفضت العرض لأن عقيدتها الشخصية والدينية كانتا ضد الحرب. أغلقت السلطات عيادتها ردا على ذلك وسحب تصريحها الطبي.
كنتيجة لذلك، قامت الدكتورة متحدة برؤية وعلاج المرضى في منزلها. اشتهرت بدقة تشخيصاتها. كان البهائيون هم مرضاها الوحيدون في البداية، لكن سرعان ما سعى آخرون لتلقي العلاج على يديها، وعالجت حوالي ألف مريض منذ أن افتتحت عيادتها حتى وفاتها. لم تفرض الدكتورة متحدة أي رسوم على مرضاها، بل قامت بشراء الأدوية لهم أو أعطتهم الأدوية التي تلقتها من الخارج. عاشت الدكتورة متحدة حياة بسيطة.
خلال الحرب مع إيران، والتي استمرت بين عامي 1980 و1988، أرسلت الحكومة النمساوية معدات طبية وأدوية إلى إيران عبر الصليب الأحمر الدولي. كان شرطهم الوحيد هو أن يتم توزيع الدواء واستخدامه تحت إشراف الدكتورة متحدة - بصفتها ممثل موثوق من قبل النمسا.
استلمت الحكومة الإيرانية الشحنة الأولى، وبعد ذلك أراد المسؤولون دعوة الدكتورة متحدة للقاء النائب الأول لرئيس الجمهورية حسن حبيبي. استغرق الأمر بعض الوقت للعثور عليها. عبّر حبيبي عن دهشته من أن الدكتورة متحدة تعيش في عزلة وأخبرها أن البلاد بحاجة لأمثالها. ردت الدكتورة متحدة بالحديث عن طردها من الجامعة بسبب إيمانها بالبهائية وإغلاق عيادتها. مما استدعى حبيبي لإصدار الأمر أن تعمل الدكتورة متحدة مشرفة على توزيع الشحنات التي يرسلها الصليب الأحمر الدولي.
عندما زار رينالدو جاليندو بول، مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في إيران، إيران في أوائل التسعينيات، التقى به كل من الدكتورة متحدة وجمال الدين خانجاني كممثلين غير رسميين للطائفة البهائية في إيران وأخبراه عن الوضع المزري للبهائيين في إيران.
في عام 1987، بعد بضع سنوات من منع البهائيين من التعليم العالي، أسس المجتمع البهائي المعهد البهائي للتعليم العالي (BIHE)، وهو جامعة غير رسمية أو "سرية" للطلاب البهائيين. كانت الدكتورة بارفين متحدة بالاضافة الى اثنين من أساتذة الجامعة البهائيين المطرودين من مؤسسي BIHE. خشي الكثير من أن BIHE لن تستمر طويلاً في ظل النظام القمعي للجمهورية الإسلامية، مع عدائها الشديد تجاه المجتمع البهائي، لكن الدكتورة متحدة وزملائها كانوا مصرين على أن هذه الجامعة السرية يجب أن تفي بمعايير الجامعات الغربية. اليوم مئات الجامعات، بما في ذلك البعض من أفضل المؤسسات في العالم، تعترف بشهادات ومؤهلات BIHE. وقد تابع العديد من خريجي BIHE دراساتهم العليا في الجامعات في عشرات المواد وفي جامعات مرموقة في الولايات المتحدة وكندا وأوروبا والهند وأستراليا.
كرست الدكتورة متحدة نفسها لبناء BIHE لعدة سنوات وعملت باستمرار على تطوير هذه الجامعة، وفي سنواتها اللاحقة بدأت دراسة حول العلاقات بين الطبيب والمريض من وجهة نظر التعاليم البهائية. أرسلت النتائج التي توصلت إليها إلى المؤسسات الأكاديمية الدولية ودُعيت الى الخارج لمواصلة دراستها. لكنها أحبت إيران بشدة لدرجة أنها لم تفكر في مغادرة بلدها مرة أخرى - وبقيت في إيران حتى نهاية حياتها.
توفيت الدكتورة بارفين متحدة عن عمر يناهز 78 عامًا في 28 يناير/كانون الثاني 2015، في مستشفى الإمام الخميني حيث أنشأت أول جناح لأمراض الروماتيزم في إيران.
إرسال تعليق