close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
من داخل إيران

تحقق: هل تكشف إيران حقاً 90% من المخدرات حول العالم؟

1 نوفمبر 2021
أحمد سلوم
٧ دقيقة للقراءة
تحقق: هل تكشف إيران حقاً 90% من المخدرات حول العالم؟

على هامش “اجتماع خاص بعملية برنامج التحول الاستراتيجي لمكافحة المخدرات” الذي انعقد في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2021، زعم “أحمد وحيدي”، وزير الداخلية في إدارة “إبراهيم رئيسي” أن “إيران تقوم بكشف 90% من المخدرات”.

وجاءت هذه التصريحات ردا على اتهام رئيس أذربيجان ، الذي زعم أن أرمينيا كانت تهرب المخدرات إلى أوروبا بمساعدة طهران على مدى السنوات الثلاثين الماضية.

وصرح وحيدي: “لا أحد في العالم يمكنه تأكيد هذه التصريحات. هناك إحصائيات رسمية تفيد بأن 90 بالمائة من اكتشافات المخدرات في العالم هي من قبل جمهورية إيران ، بينما لدى بعض البلدان المتلقية أقل من واحد بالمائة من الاكتشافات”.

هل يتم حقاً كشف 90% من المخدرات في العالم في إيران؟ وهل حصة بقية دول العالم في كشف المخدرات هي 10% فقط؟ وهل ثـمّة وثائق تثبت تدخّل إيران في تهريب المخدرات عبر قناة أرمينيا إلى أوروبا؟

يسعى موقع “إيران وير” في هذا التقرير إلى الإجابة عن هذه الأسئلة.

كشف المخدرات في دول العالم المختلفة

لفهم الدور الذي تؤديه كل دولة في كشف المخدرات، لا بد من الإجابة قبل كل شيء عن السؤال التالي: في أي مناطق العالم يتم إنتاج المخدرات وما هي مسارات وطرق الترانزيت لها؟ منطقياً، يمكن للدول الواقعة على مسار ترانزيت المخدرات بل ينبغي لها أداءُ دور في كشف المخدرات ومكافحة تهريبها.

السؤال الأول: في أيّ الدول يتم إنتاج المخدرات؟

وجواباً نقول: ليس هناك دولة في العالم تَكون لها اليد العليا في إنتاج جميع أنواع المخدرات؛ فعادةً ما تكون كل دولة نشطةً بشكل أكبر في إنتاج مادة مخدرات واحدة. وتأسيساً على تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في 2021، فإن أفغانستان تحتل المرتبة الأولى عالمياً في إنتاج مواد الأفيون والمورفين والهيروين بامتلاكها 83% من الإنتاج العالمي منها، وتحتل ميانمار المرتبة الثانية بامتلاكها 7% من الإنتاج المحلي. كما أن 10% من الأفيون والمورفين والهيروين في العالم يُنتَج في بقية دول العالم. أما كولومبيا والبيرو وبوليفيا فهي الدول الرئيسة في إنتاج الكوكايين. يُشار إلى أن مواد الأفيون المخدرة تُزرَع في جميع أرجاء العالم تقريباً. وتؤدي كثير من الدول دوراً في إنتاج مخدرات “إكستاسي” أو “ترامادول” وعقاقير “الهلوسة”.

بناء على ذلك، لا يقتصر إنتاج المخدرات على دولة واحدة، وبالتالي لا ينبغي توقُّع أن جميع مدمنِـي العالم يستهلكون مادة مخدرة واحدة فقط. والرسم البياني التالي يوضح نسبة اجتذاب كل مادة مخدرة للمستهلكين حول العالم:

تأسيساً على ما يَرِد في الرسم البياني أعلاه، فإن الأفيون والمورفين والهيرويين الملوَّن بالأزرق الفاتح لا يغطي سوى 13% من حاجة مستهلكي المخدرات، بينما يستهلك 87% من مدمني المخدرات موادَّ أخرى غير الأفيون والمورفين والهيروئين؛ وهي المنتوجات الرئيسة لأفغانستان.

السؤال الثاني: ما هي طرق ترانزيت المخدرات؟

يختلف الجواب عن هذا السؤال بحسب نوع المخدرات التي يتم تمريرها و ترانزيتها. وبالطبع لا تقع إيران إلا على مسار ترانزيت المخدرات المنتَجة في أفغانستان. والخريطة التالية تبيّن مسارات ترانزيت مواد الأفيون والهيروين والمورفين التي تَقع إيران في مركزها لكنها غير مقتصرة على إيران:

ومع أن لدول مختلفة دوراً في ترانزيت وعبور مخدرات أفغانستان إلا أن تقرير الأمم المتحدة ينمّ عن أن الدول الثلاث إيران وتركيا وباكستان تَقوم بالدور الأكبر في تمرير الهيروين في العالم. في الواقع، تُعتبَر هذه الدولُ الثلاثُ دولَ المصدر:

في الخريطة الآنفة، تُعتبَر الدول الملوَّنة بالبنفسجي الدولَ الرئيسة في إنتاج الأفيون والهيروئين.

خلافاً لمسارات وطرق ترانزيت الأفيون والهيروئين في العالم التي تُشكل إيران المحور الرئيسي لها، لا يَعبر أيُّ طريق رئيسي أو فرعي لترانزيت الكوكائين من إيران. والخريطة التالية تبيّن مسارات الترانزيت والدول الرئيسة المنتِجة والموزِّعة للهيروئين في العالم:

إذن، فالسؤال الرئيسي هو: هل يتم حقاً كشف 90% من مخدرات العالم في إيران ولا تَكون حصة بقية الدول سوى 10%؟

الجواب عن هذا السؤال هو “لا” على نحو حاسم جازم. إيران تَكشف سنوياً النسبة الأكبر من الأفيون وتقدِّم تقاريرَ بشأن ذلك، كما أنها تندرج ضمن الدول الأهم في كشف الهيروئين والمورفين، لكن ليس لها سوى حصة ضئيلة جداً في كشف بقية المواد المخدرة.

ارتكازاً على تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن 102 من دول العالم كانت لها حصة في 2019 في كشف الأفيون والهيروئين، لكن 98% من حالات كشف المخدرات قامت بها كلٌّ من تركيا وإيران وباكستان؛ ومعنى ذلك أن الدول الثلاث التي تُشكل أهم دول المصدر في ترانزيت الأفيون والهيروئين، هي أهم الدول في كشف هذه المواد أيضاً.

الرسم البياني والجدول التالي يشير إلى الدول المؤثرة في كشف الأفيون والهيروين:

أما نسبة كشف الأفيون والمورفين والهيروين في العالم (تُحدَّد الأعداد بالطن) فهي:

بالطبع لا تدل ضآلة دور بقية الدول في كشف الأفيون والهيروين على عدم اكتراثها بذلك بل السبب آيبٌ إلى عدم وقوعها على مسار ترانزيت هذه الدول، ولا بد من البحث عن دورها في كشف بقية المواد المخدرة.

لقد ورد في تقرير الأمم المتحدة أن الولايات المتحدة هي التي كشفت 94% من الكوكايين في أمريكا الشمالية. وقدّمت الولايات المتحدة تقارير عن كشفها لـ 277 طناً في سنة 2019؛ ما يساوي 18% من إجمالي الكوكايين المكتشَف في العالم كله. و19% من الكوكائين في أمريكا الوسطى تم كشفه عبر كلٍّ من بنما وغواتيمالا وكوستريكا، كما أن دولاً أوروبية كشفت جزءاً آخرَ منه.

إذا ما ألقينا نظرة على بقية المواد المخدرة، ومنها المواد الصناعية ومواد الهلوسة فسنرى أن حصة إيران ضئيلة جداً فيها؛ على سبيل المثال يتم الكشف الأكبر لمواد “ميثامفيتامين” المخدرة في الولايات المتحدة الأمريكية، وتحتل إيران المرتبة السابعة بعد كلٍّ من أمريكا وتايلند والمكسيك والصين وميانمار وإندونيسيا:

كذلك لا حضور لإيران بين الدول الـ15 الأولى في كشف مواد إكستاسي المخدرة، وإذا كان لها دور في ذلك فإنها تَكون ضمن نسبة الـ14% المشار إليها بعنوان “بقية الدول” في الرسم البياني التالي:

وفي يما يتعلق بكشف مواد الهلوسة في العالم حيث تؤدي الولايات المتحدة الدور الأكبر، فإن إيران تحتل المرتبة العاشرة بعد كلٍّ من أمريكا والمكسيك وتايلند والسعودية وبريطانيا وتركيا وغواتيمالا وإندونيسيا وهولندا:

إن ملف الإكسل أعلاه، الذي يبين جميع المواد المخدرة التي كشفتها دول العالم بين 2015 و2019 حسب النوع والوزن، متاح للجميع، ويمكن بعد الاطلاع عليه الوقوفُ على دور كل دولة ودراسته.

بناء على ما سلف، وخلافاً لمزاعم أحمد وحيدي، وزير الداخلية الإيراني، القائمة على أن إيران تكشف 90% من المخدرات في العالم، فإن لإيران حصة ضئيلة جداً في هذا الخصوص؛ ذلك أن 13% فقط من المخدرات المستهلَكة في العالم تُنتَج في أفغانستان و يتم تمريرها إلى الدول الأخرى عبر إيران وباكستان وتركيا، وإذا كان لإيران دور فهو مقتصر على كشف الأفيون والهيروين والمورفين. أما في ما يتعلق بكشف المواد المخدرة الأخرى فإن إيران إما لا دور لها أصلاً أو هو دور ضئيل جداً. 87% من المخدرات المستهلَكة حول العالم ليست منتوجات تَعبر من إيران، وبالتالي لا يمكن لها أن تؤدي دوراً يُذكَر في كشف هذه المواد.

القضية الأخرى هي أن جميع مواد الأفيون والهيروين والمورفين التي تم كشفها حول العالم في 2019، لا تساوي إلا حوالي 10% من المنتوجات. وكما يَرِد في الجدول أعلاه، فإن إيران كشفت في 2019 ما يساوي 656 طناً من الأفيون، و18.2 طن من المورفين، و17 طناً من الهيروئين، بينما تم في السنة نفسها إنتاج ما يَزيد على سبعة آلاف و500 طن من الأفيون وتم تمريره الرئيس عبر إيران؛ بحيث يأتي في تقرير 2021 للأمم المتحدة أن 98% من الهيروئين المكتشَف في بلجيكا وصل عن طريق الترانزيت من إيران، وأن 60% من الهيروئين المكتشَف في إيطاليا المهرَّب إليها بحراً جاء من إيران ترانزيتاً، وأن إيران وكازاخستان بلدان رئيسان في ترانزيت المخدرات إلى ألمانيا. كما اعتُبرت كلٌّ من إيران وباكستان البلدَين الرئيسيَّين في ترانزيت المخدرات إلى الهند.

السؤال الثالث: هل كان لإيران دور في تهريب المخدرات عبر الأراضي الأرمينية؟

ليس بين أيدينا أي وثيقة للجواب عن هذا السؤال إيجاباً أو سلباً؛ كل ما هنالك أن تقرير 2021 لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يكتفي بالإشارة إلى أن 20% من المخدرات المهرَّبة إلى جورجيا حدثت ترانزيتاً عبر أرمينيا. لكن هذا التقرير لا يشير إلى البلد الذي دخلت عبْرَه هذه المخدرات. والواضح هو أن البلدَين الجارَين الجنوبي والشرقي لأرمينيا؛ أي إيران وأذربيجان، يَقعان على طريق ترانزيت المواد المخدرة، وبالتالي لا بد لتلك المواد أن تَكون قد دخلت إلى أرمينيا عبر إيران أو أذربيجان، إلا إذا كان التهريب قد تم جوّاً، الأمر الذي لا يبدو معقولاً.

الخلاصة

يزعم وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي أن “إيران هي التي تَكشف 90% من المخدرات حول العالم”، كما ينفي مزاعم الرئيس الأذربيجاني في أن إيران تتعاون مع أرمينيا منذ 30 سنة في تهريب المخدرات إلى أوروبا، ويعتقد أن حصة الدول الدَّعية في مكافحة المخدرات لا تصل حتى إلى واحد بالمئة.

تشير دراسات إيران وير إلى أن هذا الزعم غير صحيح، لا لشيء إلا لأن المخدرات المنتَجة في أفغانستان التي تَعبر ترانزيتاً من الدول الثلاث إيران وباكستان وتركيا إلى العالم لا تُشكل سوى 30% من المخدرات المستهلَكة. بناء على ذلك، حتى لو كان لإيران الدور الأصلي في كشف الأفيون والهيروين، وبالطبع فهي تؤدي دوراً محورياً في تمريرهما بحسب تقرير الأمم المتحدة، فليس لها دور ذو بال في كشف 87% من المخدرات المستهلَكة في العالم.

من الحتم بمكان أن الدول التي لا تقع على طريق ترانزيت نوع محدد من المخدرات لا يكون لها دور في كشفه أيضاً؛ مثيل دور إيران الضئيل في كشف الكوكايين الذي يتم تمريره عبر طرق أخرى غير إيران.

ليس هناك أي وثيقة تدل على مزاعم الرئيس الأذربيجاني بخصوص دور إيران في تمرير المخدرات عبر أرمينيا. والوثيقة الوحيدة بهذا الشأن هي تقرير 2021 الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة الذي يقول إن 20% من المخدرات التي تم ترانزيتها إلى جورجيا دخلت عبر أرمينيا. ومنطقياً، لا بد من أن تَكون المخدرات الداخلة إلى جورجيا قد عبرت من إيران أو أذربيجان.

والنتيجة هي أن تحقيقات إيران وير تدل على أن مزاعم وزير الداخلية الإيراني القائمة على كشف إيران لـ 90% من المخدرات حول العالم “غير صحيحة”.

يمكنك معرفة المزيد حول منهجية التحقق من صحة البيانات لدينا من خلال النقر على هذا الرابط

إرسال تعليق

Ad Component
تقارير

أسئلة إشكالية تطرحها الوكالة الذرية وتتنصل منها إيران؛ فما هي؟

1 نوفمبر 2021
٣ دقيقة للقراءة
أسئلة إشكالية تطرحها الوكالة الذرية وتتنصل منها إيران؛ فما هي؟