close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
مقالا رأي

خداع الحرس الثوري في الانتخابات الرئاسية الإيرانية لعام 2021

27 يونيو 2021
٦ دقيقة للقراءة
مصدر الصورة:إيران وير بالفارسي
مصدر الصورة:إيران وير بالفارسي

ماريا عبدي – إيران وير 

قبل عدة أشهر من الانتخابات الرئاسية الإيرانية 2021 كان حديث وسائل الإعلام داخل إيران وخارجها مليئاً بتوقعات تقوم على فرضية “تولي أحد ضباط الحرس الثوري منصبَ رئيس الجمهورية”. 

وكثير من المحللين المختصين بالشأن الإيراني رسموا على أساس هذا التصور “انقلاباً” يقوم العسكر والإطاحة برجال الدين من المناصب العليا، بل حتى إن البعض رحّب بهذا التصور بـ ” إقصاء العسكر لرجال الدين”.

بالطبع لم تأت هذه التصورات من العدم، بل نجمت من تقديم عدد  من ضباط الحرس الثوري أوراقَ ترشحهم للدخول في التنافس على منصب رئاسة الجمهورية في الانتخابات، من أبرزهم “محسن رضائي”، القائد السابق لمقر خاتم الأنبياء للبناء، و”رستم قاسمي”، المعاون الاقتصادي لفيلق القدس، الذراع الخارجية للحرس الثوري، و”حسين دهقان”، النائب السابق لهيئة الأركان المشتركة في الحرس الثوري، وإلى جانب هؤلاء كان هناك “علي لاريجاني”، النائب الأسبق لهيئة الأركان العامة للحرس الثوري، و”عزت الله ضرغامي”، المعاون الأسبق لوزارة الدفاع،  وإن لم يكونا يُعتبَران “شخصيتين عسكريتين” إلا أن المحللين اعتبروا خبرتهما السابقة في تولي مناصب عسكرية برهاناً على فرضيتهم، ولا سيما تزامُنُ ذلك مع انتشار أخبار تُفيد بالطموحات الانتخابية لدى كلٍّ من “محمد باقر قاليباف”، القائد الأسبق للقوة الجوية للحرس، و”علي شمخاني”، القائد الأسبق للقوات البحرية في الجيش والحرس، لكن الأخيرَين لم يترشحا في نهاية المطاف.

واقعٌ يُسمَّى “مجلس صيانة الدستور”

لا يمكن نفي التقلص التدريجي لحضور رجال الدين لصالح العسكر في مؤسسات كـ “البرلمان” أو حتى في هيكلية الحكومة نفياً تاماً، لكن التوقعات آنفة الذكر قبل الانتخابات لم تكن تأخذ في اعتبارها حقيقةَ أن مصالح العسكر ورجال الدين الذين يُعيّنهم المرشد الأعلى في أجهزة الدولة العليا متداخلةٌ مع بعضها إلى درجةٍ لا يَستطيع معها أحد الفريقين الحفاظ على السلطة من دون الآخر، وقد غفلت تلك التوقعات بشكل خاص عن مجلس صيانة الدستور الذي يُقصي مَن يشاء ويترك المجال لمن يشاء للترشح وذلك وفقاً لرؤية المرشد الأعلى غيرَ مهتم بـ رغائب عدد من الضباط المرشحين للانتخابات الرئاسية 2021،  فصيانة الدستور هو الذي تعامل بقسوة مع المنافسين العسكر لــ “مرشَّح النظام إبراهيم رئيسي” أثناء تقييم المرشحين، ووجّه لهم انتقادات لاذعة بل و أقصاهم جميعاً باستثناء “محسن رضائي”، وأهم المقصين من ضباط الحرس الثوري هم سعيد محمد و رستم قاسمي و حسين دهقان الذين تعرضوا لضغوط ليدعموا رئيسي دعماً مباشراً، فقبِل الثلاثة وأتباعهم هذا الطلب من دون أية مقاومة.

وما كل ذلك إلا لأن صيانة الدستور عقدت عزمها على تأمين فوز إبراهيم رئيسي، الأمر الذي حدَا بها إلى إقصاء علي لاريجاني نفسه خلافاً لتكهنات غالبية المحللين، وحتى قبل أيام قليلة من إجراء الانتخابات اضطر كلٌّ من “سعيد جليلي” و”عليرضا زاكاني” المرشَّحَين المقرَّبين من الحرس الثوري إلى الانسحاب لصالح رئيسي ناكثَينِ بوعودهما القائمة على الاستمرار القطعي في التنافس في الانتخابات، وجاء انسحابهما كيلا تُهزَم “جبهة الثورة الإسلامية”، وارتباطاً بهذا الشأن حذّر “حسين شريعتمداري”، الذي عيّنه المرشد الأعلى مديراً مسؤولاً في صحيفة “كيهان”، في مقالته المؤرخة بـ 13 يونيو/حزيران “مرشَّحِي جبهة الثورة” تحذيراً صريحاً قائلاً إذا لم ينسحبوا لصالح المرشح صاحبِ الأصوات الأكثر فإن الكرة ستكون في ملعب الخصم.

في الوقت نفسه وإن كانت آلية الانتخابات متباينة كثيراً عن تصورات فريق من المراقبين الـمَبنية على انقلاب العسكر على رجال الدين لكنها لم تَعنِ العكس أيضاً، أيْ لم يتمّ إقصاء العسكر على أيدي رجال الدين، ما حدث في هذه الانتخابات كان بعبارة دقيقة عبارةً عن تنفيذ رؤى ومقاربات المرشد الأعلى بأيدي الأجهزة الحكومية العليا، متضمنةً الحرسَ الثوري وصيانة الدستور.

لم يكن دور الحرس الثوري سعياً غيرَ واثق في حصول أحد الضباط على منصب رئاسة الجمهورية، بل كان استثمارَ صلاحياته “القانونية” وفوق القانونية لتحديد مسار الانتخابات طبقاً لرؤية النظام المنشودة، وقد كان لفروع متعددة من الحرس الثوري دور في القيام بهذه الآلية، فشمل الأمرُ وسائلَ الإعلام المنسوبة إليه وصولاً إلى “مؤسسات” تابعة له، بما في ذلك جهاز الاستخبارات للحرس الثوري والباسيج المستضعفين.

“المنهج الحقيقي” لتدخل الحرس الثوري في الانتخابات

في واقع الأمر بدأ دور الحرس الثوري في انتخابات 2021 قبل البدء الرسمي للمنافسات الانتخابية ومن خلال التدخل في المصادقة على أهلية المرشحين.

لا تَرِد في نص القانون الحالي، الخاص بالانتخابات الرئاسية والذي لا يَنفكّ يتغير، أسماءُ الأجهزة التي تقدِّم لمجلس صيانة الدستور تقاريرَها المتعلقة بشأن المرشحين، في حين يتم التأكيد في قانون المجلس على الاستعلام من وزارة الاستخبارات والنيابة العامة ودائرة الأحوال المدنية وقوات الأمن، وعلى أرض الواقع العملي يستفيد صيانة الدستور منذ زمن بعيد من تقارير جهاز استخبارات الحرس الثوري في قضية دراسة وتقييم أهلية المرشحين للانتخابات الرئاسية.

تمثّلت انعطاف آلية الانتخابات الأخيرة في إقصاء علي لاريجاني الذي وإن امتنع صيانة الدستور عن الكشف الرسمي عن أسباب إقصائه إلا أن “صادق لاريجاني”، عضو فقهاء صيانة الدستور، أعلن في 25 مايو/أيار أنه تمّ على أساس “تقارير الأجهزة الأمنية المنافية للواقع”. وأضاف في الوقت نفسه أن مقدِّم التقرير ضدّ أخيه لم يكن “وزارة الاستخبارات”، الأمر الذي اعتُبر نوعاً من التأكيد غير المباشر على إقصاء علي لاريجاني ارتكازاً على تقرير جهاز استخبارات الحرس الثوري.

وهناك دليل لا يُنسى عن دور الحرس الثوري في دراسة وتقييم ملفات المرشحين تَـمثّل في إعلان أسماء المرشحين الـمُصادَق عليهم في صيانة الدستور في وكالة فارس للأنباء التابعة للحرس الثوري، وقد جاء هذا الإعلان في 24 مايو/أيار، أي قبل يوم من الإعلان الرسمي عن تلك الأسماء، وشكّلت القائمة التي نشرتها وكالة فارس وغاب عنها اسم علي لاريجاني صدمة بالغة لم يصدّقها كثير من المحللين معتبرين أنها حرب نفسية، بل إنهم تكهّنوا حتى بعد إعلان وزارة الداخلية أسماء المرشحين بإصدار خامنئي مرسوماً تنفيذياً بإعادة علي لاريجاني إلى المشهد لكن ذلك لم يتحقق.

قبل الانتخابات تواردت أنباء متواصلة تفيد باتصالات تحذيرية أجراها الحرس الثوري مع الناشطين السياسيين، في هذه المرحلة أخضع جهازُ استخبارات الحرس ومقرُ ثار الله الأمني عدداً من أنصار المرشحين المقصين للضغوط من أجل القيام بالدعاية للانتخابات من ناحية، ومن ناحية أخرى قامت محكمة الثقافة والإعلام بالاتصال بعدد من القائمين على وسائل الإعلام مُحذِّرةً النشطاءَ من توجيه الانتقادات إلى إبراهيم رئيسي، في هذه الأجواء جرى قبل الانتخابات بثلاثة أيام لقاءٌ نابع من موقف أدنى لعدد من المديرين المسؤولين عن صحف التيار الإصلاحي مع إبراهيم رئيسي، ونُشِرت صورة هذا اللقاء على نحو غير متوقع نشراً مظفّراً في وكالات الأنباء التابعة للحرس الثوري.

في نهاية المطاف قد يكون أكبرُ تدخل للحرس الثوري والتابعين له في الانتخابات عبر وسائل الإعلام التابعة للحرس والباسيج، الأمر الذي يعني بالمعنى الحقيقي للكلمة تقديمَ دعم تام لرئيسي ومجابهة منتقديه، وفضلاً عن وسائل الإعلام تلك التفتت آلاف الحسابات النشِطة في العالم الافتراضي على أعتاب الانتخابات إلى الترويج لرئيسي والهجوم على منتقديه و إشعال هاشتاغات / وسْـمات بعينها. ولطالما أصبح انتشارُ المضامين والعبارات الموحدة في تلك الحسابات إلى جانب استخدام غالبيتها لأسماء وصور غير واقعية الشغلَ الشاغل للإعلام في الأسابيع التي سبقت الانتخابات.

جاءت تلك الأنشطة في ظروف أقرت فيها القيادات العسكرية إقراراً واضحاً بدور الحرس والباسيج في إدارة الحسابات الافتراضية للقيام بالدعاية السياسية، إلى درجة أن “محمد رضا يزدي”، القائد في حرس “محمد رسول الله” في طهران، كان قد أعلن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن إدارة “144 لواءً سيبرانياً” في العاصمة، أو ما تطرق إليه “غلامرضا سليماني”، رئيس منظمة باسيج المستضعفين، في سبتمبر/أيلول 2019 مقدِّماً شرحاً وافياً عن نشاط منظَّم لــ “1000 لواء سيبراني” في جميع أرجاء إيران.

خاتمة “عملية الخداع”

جاء الإعلان عن فوز إبراهيم رئيسي في انتخابات 2021 في ظروف كانت نتيجتها النهائية واضحةً مسبقاً على الأقل منذ الكشف عن قائمة أسماء المرشحين المصادَق على أسمائهم من قِبَل مجلس صيانة الدستور.

شكّل هذا التصويت أمراً غير مسبوق من عدة نواحٍ عبْر تاريخ الانتخابات الرئاسية في العقود الثلاثة الأخيرة، ولا سيما من ناحية الصراحة التي أبدتها الأجهزة الـمُنصِّبة لتأمين فوز مرشَّح بعينه من دون الدخول في مغامرات غير محسوبة العواقب، وهنا لا بد من اعتبار أن الدعاية الواسعة على أبواب الانتخابات هي إحدى أهم السمات الفريدة لهذه الانتخابات، الأمر الذي ترافَق مع موضوع “انقلاب العسكر الانتخابي”، العملية التي نُشِرت إثر توقعات بشأن تولي أحد العسكر لمنصب رئيس الجمهورية، لكن ما حدث على أرض الواقع لم يكن حشد النظام لإرسال ضابط إلى قصر الرئاسة بل كان إرسالَ رجل دين عيّنه المرشد الأعلى وذلك بمؤازرة مجلس صيانة الدستور وإشراف الأجهزة العسكرية وغير العسكرية التابعة لخامنئي على هذه العملية، بعبارة أخرى، كانت انتخابات 2021 مشهداً لــ “عملية خداع” تامة شارك فيها العسكر، ولم يُسِئْ فهمَها المحللون وحدَهم بل حتى إن عدداً من العسكر أنفسهم وكذلك الضباط من المقصين أساؤوا فهمَها.

از بخش پاسخگویی دیدن کنید

در این بخش ایران وایر می‌توانید با مسوولان تماس بگیرید و کارزار خود را برای مشکلات مختلف راه‌اندازی کنید

صفحه پاسخگویی

إرسال تعليق

Ad Component
تقارير

أسباب انتشار البضائع الإيرانية في الأسواق اللبنانية

27 يونيو 2021
فاطمة العثمان
٣ دقيقة للقراءة
أسباب انتشار البضائع الإيرانية في الأسواق اللبنانية