close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
من داخل إيران

د.جمال الدين مستقيمي: طبيب ومعلم بهائي والملقب بـ "أبو علم التشريح" في إيران

23 يناير 2023
کیان ثابتی
١١ دقيقة للقراءة
الدكتور جمال الدين مستقيمي، الملقب بـ"أبو علم التشريح" في إيران، كان عالم تشريح بارز في الخارج ورائد في الداخل
الدكتور جمال الدين مستقيمي، الملقب بـ"أبو علم التشريح" في إيران، كان عالم تشريح بارز في الخارج ورائد في الداخل
إن الدكتور مستقيمي هو مؤسس مختبرات التشريح الجامعية وغرف التشريح في كليات الطب والمستشفيات في جميع أنحاء البلاد
إن الدكتور مستقيمي هو مؤسس مختبرات التشريح الجامعية وغرف التشريح في كليات الطب والمستشفيات في جميع أنحاء البلاد
إن العديد من أساتذة التشريح في إيران هم إما طلاب الدكتور مستقيمي أو طلاب طلابه
إن العديد من أساتذة التشريح في إيران هم إما طلاب الدكتور مستقيمي أو طلاب طلابه
كان يمكن للدكتور مستقيمي أن يُدَرّس في أي مكان في العالم، ولكن على الرغم من كل شيء، وخاصة بعد الثورة الإسلامية عام 1979، لم تكن فكرة مغادرة بلاده واردة على الإطلاق.
كان يمكن للدكتور مستقيمي أن يُدَرّس في أي مكان في العالم، ولكن على الرغم من كل شيء، وخاصة بعد الثورة الإسلامية عام 1979، لم تكن فكرة مغادرة بلاده واردة على الإطلاق.

يلعب العاملون في القطاع الصحي دورًا مهمًا في المجتمع، على سبيل المثال من خلال الخدمة في الخطوط الأمامية لحماية الناس من جائحة كوفيد، وقد شمل ذلك مئات الأطباء والممرضات البهائيين الإيرانيين. لكن هؤلاء الإيرانيين العاملين في مجال الرعاية الصحية ليسوا في إيران. بدلاً من ذلك، هم يعيشون في بلدان حول العالم، يعالجون مرضاهم، حيث يحظون بالإعجاب والثناء على جهودهم. إن البلد الوحيد الذي لا يستطيعون العمل فيه هو وطنهم إيران.

فقد العديد من هؤلاء الأطباء والممرضات - الذين درس بعضهم وعمل في إيران - وظائفهم بعد الثورة الإسلامية عام 1979. تم طردهم من الجامعات ومن وظائفهم في القطاع العام، ومنعوا من ممارسة الطب، وتم سجنهم وتعذيبهم، ولقي عدد كبير منهم حتفه على المشنقة أو أمام فرق الإعدام. كانت جريمة هؤلاء الأطباء والممرضات والعاملين الصحيين البهائيين هي إيمانهم بدين يعتقد حكام الجمهورية الإسلامية أنه "ضال".

تلقي سلسلة إيران وير المستمرة حول مساهمات الأطباء والممرضات البهائيين في المجتمع الإيراني، قبل الثورة الإسلامية عام 1979، نظرة على حياة جمال الدين مستقيمي، عالم التشريح المشهور عالميًا و "أبو علم التشريح" في إيران.

لطالما قدم الدكتور جمال الدين مستقيمي نفسه كمدرس - وليس فقط كطبيب. كان الدكتور مستقيمي، أبو علم التشريح في إيران، شخصية دولية رائدة في مجاله. تم تسجيل ثماني أوراق بحثية في علم التشريح باسمه. كان لديه معرفة مذهلة بجميع أجزاء جسم الإنسان - أكثر من معظم خبراء التشريح. إلى جانب اللغة الفارسية، كان أيضًا يجيد اللغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية والعربية وقام بتحرير إصدارات من كتب تشريح شهيرة جدا مثل Gray’s Anatomy و Sobotta Clinical Atlas of Human Anatomy.

كان الدكتور مستقيمي أيضًا رائدًا في استخدام التشريح والتحليل في الجامعات الإيرانية وكليات الطب والمستشفيات في مدن عديدة كطهران ومشهد وبابول والأهواز وأورمية. وقبل عقود، قام بتأليف أول كتاب تعليمي فارسي عن علم التشريح في إيران - والذي لا يزال يُدرّس حتى اليوم.

ولد جمال الدين مستقيمي عام 1916 في شيراز. كان "جمال" هو اسمه الأول الأصلي، ولكن عندما أصبحت بطاقات الهوية الشخصية إلزامية في عهد رضا شاه بهلوي، جاء وكيل المنظمة الوطنية للتسجيل المدني إلى مدرستهم وسجل جمال اسمه باسم جمال الدين، أي "نعمة الإيمان". في هذه الأثناء، كان "مستقيم" من "الاستقامة"، هو اللقب الذي منحه إياه عبد البهاء، ابن بهاء الله مؤسس الدين البهائي. والد جمال هو محمد هاشم الذي أصبح يعرف بعد أن اعتنق الديانة البهائية بـ "فاضل". قبل اعتناقه الدين البهائي، كان محمد هاشم إمام الصلاة في مسجد بردي في شيراز ووعظ ودرّس في مسجد شاه. كما عمل محمد هاشم في الزراعة لكسب الرزق لأنه كان يعتقد أن كسب المال من خلال دوره الديني ليس بالأمر الصحيح. في هذا الأمر، اختلف هاشم عن بعض زملائه من رجال الدين. استقال محمد هاشم من منصب إمام الصلاة في المسجد بعد أن أصبح بهائيًا وعاش وفقًا للتعاليم البهائية - وهو مذهب ليس فيه رجال دين. تعرض هاشم للمضايقات بسبب هذا الأمر، وفي وقت لاحق أُجبر على الانتقال مع أسرته من شيراز إلى أبادة، وهي بلدة صغيرة في محافظة فارس. كان جمال في ذلك الوقت يبلغ من العمر أربع سنوات. انتقل محمد هاشم، المعروف الآن باسم فاضل، بعد ذلك إلى مدينة نيريز وتم تعيينه كمدرس للغة العربية من قبل وزارة التربية والتعليم. أمضى بقية حياته في تلك البلدة. تم ارسال جمال إلى شيراز لتعليمه ووضع في رعاية أخيه الأكبر. كان جمال يزور نيريز في بعض الأحيان لرؤية أسرته.

عُرف جمال بجلوسه بعد المدرسة تحت شجرة بجوار ضريح شاه جراغ المقدس حيث عمل على إكمال واجبات الطلاب الآخرين مقابل رسوم رمزية. كان يترك تلك الواجبات المدرسية في حفرة في الشجرة ليلتقطها الطلاب. ومع ذلك، لم يكن لديه المال لشراء الشموع اللازمة للدراسة في الليل. وبالرغم من ذلك، نجح في سن 17 عامًا في اجتياز الاختبارات النهائية في المدرسة الثانوية. أثناء الامتحان، كان أبو القاسم فيوزات، رئيس مديرية التربية والتعليم بمحافظة فارس، يراقب الجلسة عندما رأى جمال يأخذ شيئًا من جيبه. اقترب فيوزات من جمال مشتبهًا في أنه كان يغش. اعتاد جمال على وضع الزبيب وحبات الحمص في جيبه لتناولها كوجبات خفيفة. رأى فيوزات أن جمال لم يكن يغش وأنه بالفعل أكمل الاختبار مقدماً الإجابات الصحيحة على كل سؤال. بعد الامتحان، طلب فيوزات جمال إلى مكتبه واقترح عليه الذهاب إلى طهران لمواصلة تعليمه. كانت الجامعات جديدة في إيران في ذلك الوقت. أخبره جمال إنه لا يستطيع تحمل تكاليف العيش في طهران وإنه يخطط للعمل في ورشة تصليح ساعات شقيقه بعد حصوله على الشهادة الثانوية. بعد أيام قليلة، تلقى جمال رسالة من مجهول مرفق بها ثلاثة تومان. طلبت الرسالة من جمال أن يواصل دراسته في طهران وأنه سيستلم مبلغ ثلاثة تومان كل شهر.

ذهب جمال إلى طهران حيث قرر في البداية الالتحاق بالأكاديمية العسكرية لأنه إلى جانب الحصول على مكان للنوم، سيتقاضى 30 تومانًا في الشهر. كان جمال يقف في طابور التسجيل في الكلية الحربية عندما رآه زميل سابق وقال له: لماذا تريد أن تصبح ضابطا؟ سوف تقتل عندما تكون هناك حرب! دعنا نذهب إلى أكاديمية المعلمين ونصبح معلمين". كان جمال خجولًا جدًا من الإصرار على رغباته الخاصة، ولهذا تبع صديقه إلى أكاديمية المعلمين - على الرغم من أنه لم يكن سعيدًا بأن راتبهم كان نصف ما يتقاضاه ضباط الجيش. وبينما كان في الصف المخصص للانضمام إلى أكاديمية المعلمين، رآه زميل سابق آخر، يُدعى داغيغي، وأصر على أنهما يجب أن يذهبا معًا للتسجيل في كلية الطب بجامعة طهران. شعر جمال بالحرج الشديد من إخبار صديقه أنه ليس لديه مال وأن كلية الطب لن تدعم دراسته. بالرغم من ذلك، أصبح جمال مستقيمي الطالب الثمانين وآخر طالب قام بالتسجيل في كلية الطب في عام 1934 - وهي السنة الأولى من افتتاح وعمل كلية الطب. احتاج جمال إلى مكان يعيش فيه في طهران. لكن المال الوحيد الذي كان يملكه هو الثلاثة تومان التي حصل عليها من متبرع مجهول في شيراز - وكانت بالكاد تكفي لمنعه من الجوع. كان عليه أحيانًا أن يعيش على رغيف واحد من الخبز ليوم كامل.

احتاج جمال إلى مزيد من المال لذلك بحث عن وظيفة. ذهب إلى مكاتب كلية الطب وشرح وضعه المالي وطلب وظيفة في مدرسة الطب. قدم الدكتور أبو القاسم بختيار، مؤسس كلية الطب بجامعة طهران، جمال إلى المبشر الأمريكي الدكتور إدوارد بلير الذي عينته الحكومة لتدريس علم التشريح. كان الدكتور بلير ينشئ مخبراً للتشريح في قبو كلية الطب ويقوم بتحنيط الجثث. مقابل راتب 30 تومان في الشهر، كان جمال يذهب إلى ذلك القبو كل ليلة بعد دروسه لمساعدة الدكتور بلير في عملية التحنيط. رأى الدكتور بلير حرص جمال على التعلم فأمضى وقتًا إضافيًا في تعليمه علم التشريح والتحليل. أصبح جمال بارعًا لدرجة أن أساتذته كانوا يطلبون منه توجيه وتدريس الطلاب الآخرين.

أكمل الدكتور مستقيمي دراسته في كلية الطب وبدأ خدمته العسكرية الإجبارية. طلب جمال من الدكتور أمير خان أمير علم، مؤسس جمعية الأسد والشمس الإيرانية وعضو الصليب الأحمر الدولي، بالتدخل نيابة عنه حتى يتم إرساله إلى مدينة كرمان جنوب شرق البلاد براتب 65 تومان. زار الدكتور مستقيمي بعد خدمته الدكتور أمير علم ليشكره فقال: "لا داعي للشكر. بدلاً من ذلك، اذهب إلى مشهد وأنشئ مدرسة للطب هناك". وافق الدكتور مستقيمي وانطلق إلى مشهد في أوائل عام 1941.

شهدت أوائل الأربعينيات من القرن الماضي انتشار وباء التيفوس والتيفوئيد في إيران وتضررت مشهد بشدة من الوباء. كما انتشر مرض التراخوما، وهو مرض معد آخر، بشكل واسع في المدينة. كان في مشهد عدد قليل من الأطباء وكان معظم الناس يعتمدون على المعالجين التقليديين والاسلاميين أكثر من الأطباء. في غضون ذلك، احتلت القوات الأنجلو-سوفيتية إيران في أغسطس/آب 1941، وأطاحت برضا شاه بهلوي. نتيجة لذلك، اصبحت سلطة رجال الدين الشيعة في مشهد دون منازع، وقاموا بدعم الطب الإسلامي التقليدي على حساب الطب الحديث.

كان هذا هو الوضع في مشهد الذي وجد فيه نفسه الطبيب الشاب، البالغ من العمر 25 عامًا فقط، ومن دون اي مال وبقليل من الخبرة. افتقرت مشهد إلى الموارد اللازمة لبناء كلية للطب مع مختبرات متطورة أو مرافق للتشريح، لذلك افتتح الدكتور مستقيمي وأطباء آخرون كلية الصحة للدراسات العليا في مشهد للتمهيد لكلية طبية متكاملة. توجب على الطالب الملتحق ان يكون قد أكمل السنوات الثلاث الأولى من المدرسة الثانوية ومن ثم يُطلب منه اجتياز اختبار نهائي. بعد أربع سنوات من التدريب يتم منحه شهادة خاصة. لم يُسمح للخريجين بممارسة الطب في الأماكن التي يزيد عدد سكانها عن 10000 نسمة، ولكن بعد العمل لمدة ثماني سنوات، يمكنهم التسجيل في السنة الرابعة من كلية الطب والتخرج كأطباء مؤهلين بالكامل في غضون ثلاث سنوات.

قام الدكتور مستقيمي بتدريس علم التشريح في كلية الصحة وقام بتحضير قاعة التشريح - بالرغم من أنه لم يكن لديه ميزانية. في أعقاب إضراب من قبل المعلمين والطلاب، منحت الحكومة الكلية ميزانية وبدأت قاعة التشريح بالعمل. لكن اندلعت أعمال شغب في مشهد عام 1944، أثارها رجال الدين الذين استخدموا منابرهم لتحريض الناس عن طريق نشر فكرة أن كلية الصحة كانت تسرق جثث المسلمين وتقطعهم إلى أشلاء. زار الدكتور مستقيمي وزملاؤه العديد من رجال الدين البارزين في مشهد لشرح عملهم. لكن رجال الدين لم يكونوا مهتمين. لم يكن لدى الأطباء أي خيار، في مواجهة الغضب الشعبي الملتهب، سوى إغلاق الكلية.

انتقل الدكتور مستقيمي بعد ذلك إلى مدينة كشمير بمحافظة خراسان بدعوة من سيدة أسست مستشفى في المدينة. كما افتتح عيادته الخاصة. كان معظم المرضى الذين زاروا هذه العيادة فقراء: لم يقتصر الأمر على أن الدكتور مستقيمي لم يتقاضى رسومًا من مرضاه فحسب، بل أعطاهم نقودًا لشراء الأدوية التي يحتاجونها. وبعد فترة عاد إلى مشهد.

هدأ رجال الدين المحليون وأعيد فتح كلية الصحة للدراسات العليا. عاد الدكتور مستقيمي إلى الكلية وقام مرة أخرى بتدريس علم التشريح والتحليل. وأخيراً، في 23 نوفمبر/تشرين الثاني من عام 1949، وبموافقة الحكومة تم افتتاح كلية مشهد للعلوم الطبية، وأغلقت كلية الصحة للدراسات العليا بعد تخرج الدفعة الأخيرة. التحق الدكتور مستقيمي بالكلية كبروفيسور مساعد ثم تم تثبيته في عام 1957. منذ البداية وحتى عام 1973، شغل الدكتور مستقيمي منصب رئيس قسم التشريح. كما قام بالتدريس لاحقًا في كلية طب أورمية في غرب أذربيجان وفي جامعة جونديشابور للعلوم الطبية في الأهواز، خوزستان.

افتتح الدكتور مستقيمي أيضًا عيادته الخاصة في مشهد، وأبقاها مفتوحة لمدة 25 عامًا حتى انتقاله الى جدول تدريسي بدوام كامل. خلال تلك السنوات لم يطلب من مرضاه دفع أي أموال - كانوا يدفعون له ما يمكنهم تحمله أو لم يدفعوا له على الإطلاق. طلب التقاعد في عام 1973، وفي اليوم التالي ذهب إلى طهران وبدأ بتعليم جراحة العظام لأطباء مرحلة الاقامة في مستشفى شفا يحييان. كما قام بالتدريس في مستشفى جورجاني وفي المركز الطبي الإمبراطوري - والذي يعد اليوم جزءًا من كلية العلوم الطبية بجامعة طهران.

حتى الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979، كان الدكتور مستقيمي عضوًا في المؤتمر الدولي لعلماء التشريح، والذي كان يجتمع كل خمس سنوات. تم عرض اكتشافاته واختراعاته على هذا المؤتمر، ونتيجة لذلك، تم تسجيلها على المستوى الدولي. سجل  الدكتور مستقيمي ثماني أوراق بحثية في علم التشريح، بما في ذلك "إثبات عدم وجود اتصال بين أعصاب البصيلة الشمية في الدماغ"، والذي تم قبوله للعرض في المؤتمر الدولي الثامن لعلماء التشريح في ألمانيا عام 1965. وجد مستقيمي اثنين من الألياف العصبية في الدماغ، "أحدهما يذهب إلى الفص الجبهي والآخر إلى الغشاء الخارجي". كان العثور على الطبقة العميقة للرباط الدالي وتسجيلها، والتي تلعب دورًا مهمًا في الذاكرة، أحد أعظم مساهمات الدكتور مستقيمي في مجاله. في عام 1947، حصل مستقيمي على منحة دراسية لحضور دورة تدريبية للأطباء الشرعيين والفاحصين الطبيين في كلية الطب بجامعة إدنبرة في اسكتلندا.

بعد الثورة الإسلامية، قبل الدكتور مستقيمي الدعوة للتدريس في جامعة أورمية. في عام 1985، بدعوة من كلية الطب في مشهد، عاد إلى المدينة التي تبناها، وبقي هناك حتى نهاية حياته باستثناء سفراته عبر إيران لإلقاء محاضرات.

لكن لم يتم تعيين الدكتور مستقيمي رسميًا من قبل أي مؤسسة بعد الثورة، وبالتالي لم يكن اسمه من ضمن الأكاديميين البهائيين الذين طُردوا خلال ما يسمى بـ "الثورة الثقافية" في أوائل الثمانينيات. بالاضافة الى ذلك، لم يكن لدى إيران علماء تشريح على مستوى الدكتور مستقيمي، وكانت مهاراته مطلوبة بشدة. حتى أساتذة علم التشريح في البلاد كانوا إما طلابه أو طلاب طلابه. ومع ذلك، لم تسمح ولمدة من الوقت منظمة "الجهاد الأكاديمي"، وهي المنظمة المسؤولة عن تنفيذ "الثورة الثقافية"، بإعادة طباعة كتابه في علم التشريح بسبب ديانته البهائية.

واصل الدكتور مستقيمي التدريس في جامعات إيرانية مختلفة كأستاذ زائر. في عام 1987، أثناء تواجده في يزد لافتتاح قاعة تشريح الجامعة، أصيب في حادث مروري مما اضطره للاستعانة بعصى للمشي لبقية حياته. لكنه لم يترك التدريس وواصل عمله في كلية الطب في مشهد. في عام 1970، حصل خمسة من طلابه على درجة الدكتوراه، كما عينت الجامعة طبيبًا تلقى تعليمه في الولايات المتحدة لإدارة قاعة التشريح. ثم قررت جامعة مشهد التخلص من الأستاذ البهائي الذي ساعد في تأسيس كلية الطب. بدأت الجامعة بجعل ظروف عمله غير ملائمة. قاموا بإغلاق أبواب الحمامات الموجودة في الطابق حيث كانت توجد قاعة التشريح، بحيث يضطر الدكتور مستقيمي المسن، الذي يسير الآن بعصا، إلى صعود السلالم لاستخدام الحمام. كما ألغت الإدارة بعض دروس الدكتور مستقيمي دون إخباره. كان يحضر للتدريس ولم يجد أي طلاب حاضرين - وعندها فقط كان يعلم أن الفصل قد تم إلغاؤه دون إبلاغه. وفي النهاية قيل للدكتور مستقيمي أن خدماته لم تعد ضرورية.

ومع ذلك وجد مستقيمي طرقًا جديدة للتدريس. سافر إلى طهران مرة كل أسبوع حتى عام 1994 لتقديم المشورة لطلاب الدكتوراه، وفي وقت من الأوقات، قام أيضًا بالتدريس في جامعة أردبيل في شمال غرب إيران.

قام الدكتور مستقيمي أيضًا بتدريب المعلمين في المعهد البهائي الجديد للتعليم العالي أو BIHE، وهي جامعة غير رسمية أو "سرية" للطلاب البهائيين والتي تأسست بعد أن منعتهم الجمهورية الإسلامية من التعليم العالي. في 29 سبتمبر/أيلول 1988، داهمت قوات الأمن منازل وفصول معلمي BIHE، وكان فصل الدكتور مستقيمي في طهران أحد أهدافهم. واصل الدكتور جمال الدين مستقيمي التدريس - والتعلم - حتى آخر يوم في حياته. كان معروفًا بحفاظه على عادته في الاستيقاظ في الرابعة صباحًا لمتابعة أحدث الدراسات جديدة. توفي الدكتور مستقيمي، وهو طبيب ومعلم إيراني بارز، في مدينة مشهد في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2005، عن عمر يناهز 90 عامًا، ودفن في تلك المدينة.

كان بإمكانه التدريس في أي جامعة في العالم. لكن على الرغم من التحديات العديدة التي واجهها، خاصة بعد الثورة الإسلامية، إلا أنه لم يفكر أبدًا في فكرة مغادرة بلاده. لقد أحب الشعب الإيراني وعمل من أجلهم طوال حياته ومن كل قلبه.

از بخش پاسخگویی دیدن کنید

در این بخش ایران وایر می‌توانید با مسوولان تماس بگیرید و کارزار خود را برای مشکلات مختلف راه‌اندازی کنید

صفحه پاسخگویی

إرسال تعليق

Ad Component
من داخل إيران

سجين بهائي إيراني محتجز بمعزل عن العالم الخارجي طوال فترة الشهر الماضي

22 يناير 2023
١ دقيقة للقراءة
سجين بهائي إيراني محتجز بمعزل عن العالم الخارجي طوال فترة الشهر الماضي