حسن صياد خدائي؛ الضابط الإيراني الذي تم اصطياده في طهران

تزامناً مع نشر الحرس الثوري الإيراني بياناً حول اعتقال عدد من الأشخاص بتهمة اختطاف «منصور رسولي»، فقد تم اغتيال «حسن صياد خدائي»، الضابط في الحرس الثوري في طهران قرب مقر البرلمان الإيراني. اعتبرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذا الاغتيال مرتبط بموضوع اختطاف رسولي، وأعلنت أن حسن صياد خدائي كان مكلفاً بمهمة اغتيال الإسرائيليين.

كما أن بعض المقرَّبين من النظام الإيراني ممن يستعملون أسماء مستعارة أو صفة «الجهاديين» اعتبروا أن حسن صياد خدائي «فريسة» لها علاقة بالمهمات التي كُلِّف بها حسن صياد خدائي؛ وهي مهمة كشف الإسرائيليين واصطيادهم. وفي الوقت الذي يستمر فيه الصراع بين إسرائيل والنظام الإيراني يَقع اصطياد حسن صياد خدائي على يد إسرائيل أو الفصائل المرتبطة بها.

وحالياً يُشكِّل موضوعُ التحقيق مع منصور رسولي على الأرض الإيرانية، ثم إطلاق سراحه رمزاً للحرب الدعائية وإهانة النظام الإيراني على يد إسرائيل، وكذلك أصداء محاصرته من قِبَل الموساد الإسرائيلي والميت التركي والفصائل الكردية. وهذا هو الجانب العملي التطبيقي الذي أفضى إلى عملية اغتيال.

صحيح أن هذا الاغتيال لا يَرقى إلى مستوى اغتيال «محسن فخري زاده»، إلا أنه إشارة ثانية إلى إهانة النظام الإيراني؛ ومردُّ ذلك إلى أن هذا الاغتيال حدث قرب مبنى البرلمان الإيراني وسط مدينة طهران.

من هو الضابط في الحرس الثوري الذي تم اغتياله؟

يقال إن حسن صياد خدائي من مواليد 1972. انضم إلى الحرس الثوري سنة 1987. وهكذا يكون قد عَمِل في الحرس الثوري نحو 35 عاماً.

يُعرِّف به الإعلامُ الإسرائيلي بأنه نائب الوحدة رقم 840 في فيلق القدس؛ وهي وحدة ذُكِر اسمها في ملف منصور رسولي الذي كانت مهمته هي اغتيال ثلاثة أشخاص في أوروبا.

في البداية اعتقد البعض أن الشخص الذي تم اغتياله هو «أبو الفضل شكارجي»، المتحدث باسم هيئة الأركان العامة في القوات المسلحة الإيرانية. ثم تبيّن لاحقاً أن كنيته أو اسمه المستعار كان «شكاري / الفريسة»؛ وهو اسم يمكن أن يكون مأخوذاً من المهمة المكلَّف بها؛ أيْ أنه كان يقوم بكشف بعض القوات الإسرائيلية ثم يصطادهم مثل الفريسة. في المقابل، أعلن البعض أن «شكاري» هو الاسم المستعار لحسن صياد في سورية؛ ذلك أن لكل واحد من قوات الحرس الثوري الإيراني في سوريا اسماً خاصاً؛ ويُقال لذلك الاسم «الجهادي».

في البداية تم التعريف به بأنه «المدافِع عن المراقد المقدسة»، وتصوّر البعض أن اغتياله قد يكون حدث في مهماته في سوريا قرب الحدود الإسرائيلية في الغارات الصاروخية. ولكن بعد ساعات من ذلك أعلنت إسرائيل أنه نائب الوحدة رقم 840 في فيلق القدس؛ وهي الوحدة المكلفة بضرب المصالح الإسرائيلية والهجوم على المواطنين الإسرائيليين.

ما العلاقة بين منصور رسولي وحسن صياد خدائي؟

قناة 13 الإسرائيلية وصفت حسن صياد خدائي بأنه كان قد كلَّف منصور رسولي للقيام بمهمة اغتيال في القنصلية الإسرائيلية في إسطنبول.

وقبل ساعات من اغتيال حسن صياد خدائي، أفاد الحرس الثوري باعتقال أعضاء شبكة كانت تَعمل، وفق زعم الحرس الثوري، تحت «إشراف» الموساد الإسرائيلي وتَقوم «بالاختطاف وأخذ الاعترافات المزيَّفة». وكان هذا البيان مرتبطاً بموضوع منصور رسولي. وأعلنت وكالة تسنيم للأنباء أن قوات الأمن اعتقلت «خاطفي» منصور رسولي.

يُشار إلى أن الإعلام الإسرائيلي أفاد قبل حوالي ثلاثة أسابيع أن الموساد حَقّق مع شخص مرتبط بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قبل عدة أشهر في إيران نفسها، ونشر تسجيلاً صوتياً حول هذا الأمر. وجاء في هذه التقارير أن هذا الشخص هو منصور رسولي البالغ عمره 45 عاماً.

بعد أسبوع من ذلك ظَهر منصور رسولي، ونَشر مقطع فيديو قال فيه إنه تم اختطافه قبل فترة وأُخِذت منه هذه الاعترافات.

إذا كان موضوع علاقة حسن صياد خدائي مع منصور رسولي صحيحاً، فإن السؤال المطروح هو: إذا كان حسن صياد يَعلم عن التحقيق مع منصور رسولي وبالتالي احتمالية كشف علاقته معه لدى إسرائيل والقوات المرتبطة بها، فكيف كان يتحرك حراً طليقاً على هذا النحو من دون أن يأخذ حذره واحتياطاته؟

كانت تصريحات منصور رسولي ومكان إقامته تُعزِّز الفرضية السابقة حول احتمالية الاختطاف والتحقيق مع هذا الشخص على يد القوات الكردية المسلحة المعارضة للنظام الإيراني، وبالتالي تُنسَب عمليةُ اغتيال حسن صياد خدائي أيضاً على يد البعض في الداخل الإيراني إلى هذه المجموعات الكردية.

وفي التحليلات، تُنسَب عملية التمهيد لهذا الاغتيال إلى إسرائيل، وتُنسَب عملية تنفيذه إلى المجموعات الكردية المدرَّبة على يد الموساد الإسرائيلي.

بدوره قال «رمضان شريف»، المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني، إن حسن صياد خدائي اغتيل على يد «المأجورين لدى جهاز الاستخبارات في نظام الهيمنة والصهيونية العالمية».

هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة تتهم مرة أخرى إقليم كردستان العراق

حتى الآن لم يَكشفِ المسؤولون الإيرانيون عن تفاصيل اغتيال حسن صياد خدائي؛ إلا أن أبو الفضل شكارجي، المتحدث باسم هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، أشار مرة أخرى إلى قصف إقليم كردستان العراق بالصواريخ.

قال إن إقليم كردستان العراق تحت الهيمنة التامة لإسرائيل، و«قد رددنا على هذا الشر رداً حازماً، وكانت نتيجته حاسمة وإيجابية مئة بالمئة».

وفي قضية التحقيق مع منصور رسولي، أشار المسؤولون الإيرانيون إلى إقليم كردستان العراق، وقال «إسماعيل كوثري»، النائب عن سكان طهران في البرلمان والنائب السابق لقائد مقر ثار الله: «لقد استهدفنا بالصواريخ مقر التجسس الإسرائيلي في أربيل، وتحت ضغط هذا الموضوع يتوسلون الآن بجميع السبل للتغطية على ما حدث».

الغموض حول مقتل حسن صياد خدائي

هناك فرق جوهري بين اغتيال حسن صياد خدائي وبين الاغتيالات السابقة المنسوبة إلى إسرائيل؛ ذلك أن جميع الاغتيالات السابقة، باستثناء اغتيال الرجل الثاني في القاعدة، كانت مرتبطة بنوعٍ ما بالملف النووي الإيراني، لكن الرجل الذي تم اغتياله هذه المرة متهم باغتيال المواطنين الإسرائيليين.

على أن المكانة التي نسبها الإعلامُ الإسرائيلي لحسن صياد خدائي تختلف عن المكانة والدرجة التي نسبها له الحرس الثوري الإيراني؛ ذلك أن مكانة نائب إحدى وحدات فيلق القدس ينبغي أن يتسلمها ضابط برتبة عميد على الأقل. ومن ناحية أخرى فإن عدم إقامة هذا الرجل في المنازل المفروضة عليها الحراسة لما له من مكانة، وكذلك تحركه بلا حرس يبدو أمراً عجيباً.

وعلى عكس اغتيال العلماء العاملين في البرنامج النووي الإيراني من خلال لصق المتفجرات بسياراتهم على يد راكبي الدراجات النارية، فقد قُتِل حسن صياد خدائي بإطلاق النار عليه، ولا يبدو أنه سحب سلاحه ودافع عن نفسه.

ونقلاً عن شهود عيان، كتبت وكالة فارس للأنباء أن سيارة من نوع «برايد» كانت قد سدت الطريق، فاضطرت السيارات الأخرى إلى الالتفاف على الطريق. كما أن الوكالة نفسها كتبت نقلاً عن جيران حسن صياد خدائي أنه تزامناً مع إطلاق النار المتواصل سُمِع صوت انطلاق دراجة نارية في الزقاق.

خلق جبهة جديدة من النزاعات بين إيران وإسرائيل

أعلنت بعض وسائل الإعلام الإيرانية أنه لا توجد علاقة بين اغتيال خدائي وبين البرنامج النووي الإيراني، وأن الاغتيال رسالة إسرائيلية مباشِرة حول الحضور الإيراني في سوريا. كما بعض وسائل الإعلام في إيران اعتبرت أن هذا الاغتيال هو انتقام للهجمات الفلسطينية على المواطنين الإسرائيليين في الأشهر الماضية. وبالطبع تختلف هذه الروايات عن الرواية الإسرائيلية.

صحيح أن اغتيال حسن صياد خدائي لا يتمتع إلا بأهمية استراتيجية قليلة مقارنةً مع اغتيال محسن فخري زاده والاغتيالات المشابهة، إلا أن له دوراً بالغاً على المستوى الدعائي، وسيفتح جبهة جديدة من النزاعات بين إيران وإسرائيل. وإذا كان النزاع بين هذين البلدين يتمركز قبل الآن حول البرنامج النووي، فإن اغتيال المواطنين الإسرائيليين وفي المقابل اغتيال العاملين في هذه الاغتيالات أُضيف إلى هذه النزاعات.