العنصرية وعدم المساواة في سيستان وبلوشستان؛ وفق رواية "مهيم سرخوش"

تماشا در یوتیوب

على مدار العقود الأربعة من حكم الجمهورية الإسلامية في إيران، واجهت الأقليات الدينية والعرقية أشكالًا مختلفة من التمييز والعنصرية. ويمكن تتبع بعض هذه العنصرية في القانون والبعض الآخر في تفسير المسؤولين للقانون وتنفيذه. ومع إلقاء نظرة سريعة على الوضع في المحافظات التي تضم عدد كبير من الأقليات، يمكن بكل سهولة ملاحظة مظاهر هذه العنصرية في وجود فرق في مستوى التنمية بها مقارنةً بالمحافظات الأخرى.

في الجزء الثالث من برنامج "نحن إيران" على الانستغرام، تحدثنا عن هذه العنصرية مع السيد "مهيم سرخوش" مسؤول العلاقات الخارجية في حزب التضامن الوطني في بلوشستان والذي يقيم حاليًا في السويد. "نحن إيران" هو عنوان برنامج مباشر يبثه "إيران وير" على الانستغرام حول قضايا الأقليات الدينية والعرقية. ويُبث هذا البرنامج كل سبت في تمام الساعة السابعة مساءًا بتوقيت إيران. وبمساعدة الخبراء، يسعى إيران وير إلى تقديم صورة واضحة عن كل ما حدث للأقليات على مر السنين.

***

هل هناك إحصائيات عن التوزيع الجغرافي للبلوش في إيران؟

في عهد "رضا شاه" كانت بلوشستان إحدى التقسيمات الإدارية لإيران. وقد تم تقسيم منطقة بلوشستان على مر المراحل الزمنية المختلفة. في البداية كان اسم هذه المحافظة هو بلوشستان وسيستان، وبعد الثورة أصبح سيستان وبلوشستان. وفي الوقت الراهن يقيم أغلب البلوش في محافظات سيستان وبلوشستان، وهرمزغان، وكرمان، وجنوب خراسان.

لقد تحدثت عن تقسيم محافظة سيستان وبلوشستان. فعل لا تزال هناك خطة لتقسيم هذه المحافظة. وفي ظل الاحتجاجات المتعددة، هل تعتبر هذه الخطة سياسية أم أنها، بحسب المسؤولين، مجرد خطة لتحسين الوضع في هذه المحافظة؟ 

إن أغلب الخطط التي وُضعت في هذه المحافظة حتى في العصر البهلوي، كانت خططًا سياسية وعسكرية ولم يكن هناك أي نظرة تخص تطور هذه المنطقة. في الوقت الراهن، يعيش سكان نفس قطاعات المحافظة التي تم فصلها سابقًا وتسليمها إلى هرمزغان وخراسان في وضع غير موات للغاية. حتى أنه ربما يمكن القول إن وضعهم أسوأ حالًا من وضع أهالي سيستان وبلوشستان أنفسهم. ويتمثل غرض النظام الإيراني من هذه التقسيمات في إحكام المزيد من السيطرة على الناس.

تتمثل إحدى مشكلات سيستان وبلوشستان في الخلافات بين قبائل البلوش حيث يُقتل ويُصاب البعض خلال النزاعات بين القبائل. ويعتقد البعض أن خطة الحرس الثوري في تسليح بعض القبائل، هي أحد أسباب تفاقم هذه الخلافات. فما رأيك في هذا الأمر؟

عندما كان "قاسم سليماني" مسؤولًا في جنوب المحافظة، قدم هذه الفكرة ثم تابعها القائد "شوشتاري" فيما بعد. وتم تسليح العديد من البلوش من قبل الحرس الثوري الإيراني، فقد سُمح لهم باستخدام الأسلحة بشكل غير محدود مقابل تقديم بعض الخدمات للحرس الثوري. وقد تمت إساءة استخدام هذه الأسلحة. ووفق تقرير حملة النشطاء البلوش، تم عقد حوالي 15 اجتماعا منذ أبريل 2021 للسلام والمصالحة بين القبائل البلوشية، لكننا ما زلنا نشهد استمرار لهذه الاشتباكات في ظل تحريضات قوات الأمن والحرس الثوري الإيراني.

في عام 2009، سيطر الحرس الثوري على أمن محافظة سيستان وبلوشستان. وكان هذا استثناء عن بقية محافظات البلاد. فقد تم اتخذا هذا الإجراء على الرغم من معارضته حتى في هيكل الحكومة، فما هو السبب برأيك؟ 

منذ بداية الثورة، ويُنظر إلى هذه المحافظة نظرة أمنية تمامًا. حيث يزعم الحرس الثوري أن الشرطة والجيش غير قادرين على حفظ الأمن في هذه المنطقة، وبهذه الحجة سيطروا على هذه المحافظة وقطاع من الحدود الشرقية. لكن القضية الأساسية هي أنه بسبب الحدود الطويلة لمحافظة سيستان وبلوشستان مع باكستان وأفغانستان، فإن تهريب المخدرات سهل للغاية عبر هذه المحافظة، حيث يؤمن الحرس الثوري جزء من تكاليف تدخله في الدول الأخرى عبر توليه هذه التجارة. وهناك ستة أرصفة في تشابهار وكنارك تابعة للحرس الثوري الإيراني ولا توجد أي رقابة عليها.

أثناء سيطرة طالبان على أفغانستان، طالب إمام جمعة زاهدان، مولوي عبد الحميد، بدعم طالبان علانيةً، حتى أنه دعا الدول في جميع أنحاء العالم إلى الاعتراف بحكومة طالبان. يرى البعض أن نظرة مولوي تُعَّد مثالًا على وجهة النظر السائدة للبلوش ويقولون إن البلوش يتفقون مع أفكار طالبان. فهل هذا الادعاء صحيح؟

مولوي عبد الحميد هو أحد الزعماء الدينيين البلوش، وله العديد من الأنصار في المنطقة. ومع ذلك، اتخذ إجراءين خلال الفترات الماضية كانا محل انتقاد العديد من البلوش. الإجراء الأول هو دعم "إبراهيم رئيسي" في الانتخابات الرئاسية، والآخر هو دعم طالبان في أفغانستان. لقد انتقد الشباب والمثقفون البلوش بشدة أفعال مولوي عبد الحميد وعارضوها. وبالطبع، اُتخذت هذه الإجراءات بضوء أخضر من النظام؛ لكن أغلب أهالي بلوشستان لا يعتبرون هذه المواقف في صالح مجتمع بلوشستان.

حالة التوظيف في محافظة سيستان وبلوشستان غير مواتية. كما تُظهر الإحصاءات أن أقل من 12% من موظفي الحكومة في هذه المحافظة، من البلوش. إذن ما هي المجالات التي يتم فيها توظيف البلوش في ظل الظروف الراهنة؟

لطالما غيمت أجواء العنصرية على هذه المحافظة؛ فلا يُسمح إلا لعدد قليل من البلوش بتقلد المناصب الرفيعة حتى أنهم يوظفون البلوش في أضيق الحدود. في الماضي، كانت الزراعة وتربية الحيوانات وصيد الأسماك هي المهن الرئيسية لأهالي هذه المحافظة. لكن الآن وبسبب أزمة المياه ووجود الصيادين الصينيين في البحار الجنوبية وما شابه ذلك، أصبح العديد من المواطنين عاطلين عن العمل ويعانون من الفقر المدقع.

تكمن إحدى مشكلات المواطنين في محافظة سيستان وبلوشستان في مسألة الأشخاص غير المقيدين في السجلات الرسمية. فهل توجد إحصاءات محددة عن هؤلاء الأشخاص والمشكلات التي يواجهونها؟

وفقا للإحصاءات، هناك ما لا يقل عن 200 ألف مواطن غير مقيد في السجلات الرسمية لهذه المحافظة. هؤلاء الأشخاص محرومون من جميع حقوق المواطنة. فهم لا يتلقون إعانات، ويُحرم أبنائهم من التعليم، وفي بعض الأحيان يتم اعتقال من يحاولون الحصول لهم على بطاقات للهوية، ويرسلونهم إلى أفغانستان.

لقد سأل أحد مشاهدي البرنامج عن مدى صحة ما تزعمه الجمهورية الإيرانية بشأن المحاولات الانفصالية للجماعات العرقية في إيران مثل الأكراد والبلوش والعرب وغيرهم، فهل هذه المزاعم صحيحة أم لا؟

لدى الجمهورية الإيرانية العديد من الاتهامات الجاهزة. فكل شخص يطالب بحقه، يتهمونه على الفور بإحدى هذه الاتهامات الجاهزة ويسكتونهم. إنهم يتهمون نشطاء المجتمع المدني والصحفيين بالعمل ضد الأمن القومي أو تعكير صفو الرأي العام، ويتهمون المواطنين من العرقيات المختلفة بالانفصالية. لا شك أن هناك البعض بين هذه القطاعات يؤمنون بضرورة تقسيم إيران بسبب هذه العنصرية، لكن الحقيقة هي أن أغلب أهالي هذه المناطق يرغبون في الحصول على حقوق متساوية وحياة أفضل في هذا البلد. وبكل أسف يجدر القول إنه طالما هذا النظام قائمًا، لن تتحقق مثل هذه الأمور.