مقابلة حصرية: والد مهسا أميني يهنئ جميع الإيرانيين بعيد النوروز

بعد ستة أشهر من وفاة مهسا أميني في حجز الشرطة، والتي أثارت موجة من الغضب العام ضد المؤسسة الدينية الإيرانية، يواصل والدها زيارة قبرها كل يوم.

في مقابلة مع "إيران واير" قبل عيد النوروز، رأس السنة الفارسية الجديدة، قال أجمل أميني إنّ عائلته لا تزال ملتزمة بالسعي لتحقيق العدالة وكشف الحقيقة فيما يخصّ وفاة ابنته البالغة من العمر 22 عامًا.

كما أعرب عن حزنه العميق لأعمال العنف التي اجتاحت البلاد عقب وفاتها المأساوية.

تنحدر عائلة مهسا من مدينة سقز الكردية شمال غربي البلاد. وتوفيت الشابة أثناء زيارة إلى طهران في 16 سبتمبر/ أيلول بعد أن اعتقلتها "شرطة الآداب" بزعم ارتدائها الحجاب الإلزامي بشكل غير لائق.

وتزعم السلطات أن مهسا توفيت لأسباب طبيعية، لكن شهود عيان وعائلتها قالوا إنها تعرضت للضرب أثناء وجودها داخل سيارة شرطة نقلتها إلى مركز احتجاز.

"لم يوافق القضاء على أي من طلباتنا"

في مقابلة مع "إيران واير" عبّر أجمل عن خيبة أمله العميقة من انعدام الحيادية التي أظهرها القضاء في هذه القضية.

يقول: "للأسف منذ البداية لم يستجب نظام المقاطعة القضائي لشكاواي وطلباتي، ولم يردوا على محامي الأسرة المسؤول عن القضية".

طلبت العائلة مراجعة اللقطات التي سجلتها كاميرا مثبتة على جسد الضابط داخل الشاحنة، لكن دون جدوى.

ويضيف: "طالبنا بالسماح للمحامين الذين يمثلون القضية بالتحقيق والتحدث مع النساء اللواتي تم القبض عليهن وكانوا مع مهسا في الشاحنة. ورغم مطالبنا المستمرة، لم يستجب النظام القضائي أو يوافق على أي من طلباتنا".

"أنا حزين للغاية بشأن هذه الأحداث"

أثار مقتل مهسا احتجاجات واسعة النطاق للمطالبة بتغييرات اقتصادية واجتماعية وسياسية أساسية في البلاد. وردّت السلطات على حركة الاحتجاج التي تقودها النساء بقوة ووحشية، فقتلت أكثر من 520 شخضاً واعتقلت بشكل غير قانوني أكثر من 20 ألف آخرين، بحسب نشطاء.

كما أصدر القضاء، بعد محاكمات متحيزة، أحكاماً صارمة على المتظاهرين، من بينها عقوبة الإعدام.

يقول أجمل "أدى موت ابنتي المأساوي إلى اندلاع احتجاجات واسعة النطاق داخل وخارج البلاد. ومع ذلك، لم نتوقع أن تأتي هذه الاحتجاجات وردود الفعل بمثل هذه التكلفة الباهظة على الناس".

ويضيف: "مع النهج الصحيح والاستراتيجية والتخطيط، كان من الممكن منع هذه الأحداث غير السارة والسيطرة على الاحتجاجات. لقد أثّرت هذه الحوادث عليّ بشكل كبير. أتمنى لو كنت الحزين الوحيد بعد هذه المأساة ولم يتضرر أحد.

ويعبّر أجمل عن مشاعر متباينة حول حقيقة أن ابنته باتت رمزاً لمقاومة المرأة الإيرانية.

يقول: "تسعدنا رؤية صور كثيرة لابنتنا، لكنها تذكرنا بها باستمرار".

ويتابع: "موتها ما زال حاضراً في أذهاننا، ومع ذلك، يسعدنا أنا ووالدتها أن يهتم العالم بمصير ابنتنا. وبما أن موت مهسا الظالم دفع الشعب الإيراني للتعبير عن مطالبه، فإن إرثها واستجابة الشعب أمر نفتخر به".

ويتحدّث أجمل عن علاقة عائلته بمن فقدوا أحباءهم بسبب قمع الدولة الدموي لحركة الاحتجاج.

يقول: "قدّمت عدة عائلات تعازيها وتواصلت معي. حتى العائلات في مدينة سنندج الكردية الغربية التي فقدت أحباءها في هذه الحركة اتصلت بي واقترحت أن نعد شكوى مكتوبة نيابة عن جميع العائلات التي فقدت أطفالها أو أحبائها وإرساله إلى أعلى الهيئات القضائية الدولية".

"ومع ذلك، عارضتُ هذا التوجه وأوضحتُ أنني قدّمت شكوى فردية وأنتظر الرد. ورغم ابلاغ القضاء والمسؤولين بذلك لم يصلني أي رد حتى اليوم ".

وبحسب أجمل، فشل القضاء أيضًا في الاستجابة لطلبات العدالة من عائلات الضحايا الآخرين.

يقول: "سنضطر إلى اتخاذ إجراءات قانونية دولية إذا لم نحقق أية نتائج من خلال النظام القضائي الإيراني ".

"أشعر بالفراغ هنا، فراغ عميق"

ستبدأ عائلة مهسا والكثير من الإيرانيين الآخرين عامهم الجديد بحزن لفقدان أحبائهم الذين قتلوا على يد الجمهورية الإسلامية.

"لا يمكننا أن ننسى ذكراها أبدًا. أينما نظرنا في هذا المنزل، تعود ذكرى مهسا للحياة، خاصة بالنسبة لزوجتي التي كانت صديقتها المقربة. فقدان مهسا جرح عميق لن يندمل أبدًا. أشعر بالحزن الشديد حقًا. أشعر بالفراغ هنا ، فراغ عميق.

يرى أجمل أنّ التعاطف الذي أبداه الناس يوفر الراحة والعزاء للأسرة.

"كل يوم، عندما أزور قبر جينا (مهسا)، يبعث وجود الناس هناك على الارتياح. في الأشهر الستة الماضية، لم يمرّ يوم دون زيارة الناس وتقديم احترامهم لمهسا، ومعهم باقات الزهور. إنّ لطف الناس وحبهم لا يجلب السعادة لنا وحسب، بل يهبنا السلام والتشجيع أيضاً".

وعندما سألنا أجمل عما تخطط له الأسرة في ليلة رأس السنة، أجاب: "بالتأكيد سنذهب إلى قبر مهسا".