تحقّق: قناة روسية على "تلغرام" قدّمت رواية منقوصة حول القصف الروسي على إدلب

في الثاني من يناير/ كانون الثاني من عام 2022، قدّمت قناة روسية على تلغرام، تدعى "كاتب عمود عسكري" روايةً منقوصة ومضلّلة حول القصف الروسي على محافظة إدلب شمال غرب سوريا.

القناة التي لديها أكثر من مئة ألف مشترك يتابعون الأخبار العسكرية، نشرت مقطع فيديو يظهر ألسنة الدخان تتصاعد من مبنى وسط الأراضي الزراعية، وعلّقت عليه: "شنت طائرات مقاتلة تابعة لسلاح الجو الروسي، اليوم ، سلسلة غارات على أهداف للمسلحين في جنوب وغرب محافظة إدلب السورية".

عاين "إيران وير" مقطع الفيديو، فتبيّن أنه بالفعل من سوريا، ولكن لم يُصار لفريق التحقّق في "إيران وير" أن يتأكّد من هوية الأشخاص الذين يقيمون في هذا المبنى، فيما لو كانوا من العسكريين أو المدنيين.

غير أن القناة ذاتها اجتزأت الحقائق وقدّمت رواية مضلّلة، ففي اليوم ذاته، قصف الطيران الحربي الروسي، محطة مياه حيوية، تزوّد نحو نصف مليون مدني بمياه الشرب، وأخرجتها عن الخدمة، إلّا أن القناة ذاتها لم تذكر هذا الخبر.

واكتفت القناة بالإشارة إلى قصف آخر على من اعتبرته "أهداف للمسلحين"، ولم تذكر شيئًا عن قصف محطّة المياه، رغم أن فريق "إيران وير" تأكّد من عدم وجود أي أنشطة عسكرية، سواء داخل محطة المياه أو في محيطها.

تحدّث مراسل "إيران وير" إلى مرصدٍ عسكري، متخصّص في المراقبة السمعية والبصرية لحركة الطيران الروسي.

وقال المرصد: "في ذلك اليوم، شنَّ الطيران الحربي الروسي غارتين جويتين، الأولى في الساعة الواحدة ظهرًا و25 دقيقة و32 ثانية، واستهدفت محطّة مياه العرشانة في محافظة إدلب".

أما الغارة الثانية بحسب مرصد التتبّع ذاته، فحدثت في الساعة الواحدة ظهرًا و32 دقيقة و24 ثانية، واستهدفت مصنع مخلل بغارتين، موضحًا أن الطائرة ذاتها هي من شنّت الهجمتين، ونفى أن تكون الغارتين استهدفتا أي وجود عسكري.حصل "إيران وير" على مجموعة صور من داخل محطة مياه العرشاني وخارجها، ليظهر تعرّض المحطّة لدمارٍ واضح، وهو ما يؤكّد أن القصف استهدف المحطّة كبنية تحتية حيوية تزوّد المدنيين بالمياه.

يقول المهندس محمد جمال ديبان، وهو المدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب في محافظة إدلب: "تأتي أهمية محطة العرشاني، للمياه بأنها تزود أكثر من أربعمائة ألف إنسان بمياه الشرب في مدينة إدلب" موضحًا أن الضرر الذي لحق بالمحطة نتيجة القصف أسفر عن خسائر كبيرة بالمولدات واللوحات الكهربائية والأبنية"

وأوضح أن المحطة استغرقت أكثر من 15 يومًا للعودة للعمل، وأن كلفة الخسائر بلغت 700 ألف دولار أمريكي، مؤكّدًا أن من قصف المحطّة هو الطيران الحربي الروسي.

ونفى المهندس ديبان، أي وجود عسكري سواء داخل المحطّة أو في محيطها قائلًا: "هل يعقل في محطة مياه رئيسية يكون فيها عسكر؟ موضحًا أنّه من خلال عمله لا يسمح لأي شخص مدني بدخول المحطّة حتى يُسمح للعسكريين أو الفصائل بدخولها.

وختم قائلًا: "النظام السوري والروس لا يفرّقون بين نقطة وأخرى فقد قاموا بقصف الاسواق ومنازل المدنيين والأطفال ومؤخرًا لم يتركوا مدجنة إلا وقصفوها".

استناداً لما تقدّم، يعتبر “إيران وير” مزاعم القناة الروسية بقصف أهداف للمسلحين في الثاني من يناير/ كانون الثاني مضللة للرأي العام.

التضليل: هو الحالة التي يمكن فيها استخدام حقائق معيّنة خارج السياق، لتدل على نقطة مختلفة غير مثبتة أو غير دقيقة، ويمكنكم معرفة المزيد حول منهجية التحقق من صحة البيانات لدينا من خلال الضغط على هذا الرابط.