close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
تقارير

ماذا نعرف عن مطالب المعلمين الإيرانيين ورواتبهم المنخفضة واحتجاجاتهم عليها؟

2 مارس 2022
٨ دقيقة للقراءة
مصدر الصورة:إيران وير بالفارسي
مصدر الصورة:إيران وير بالفارسي

جواد متولي-إيران وير

على جدران كثير من المدارس الإيرانية كُتِب شعار موحَّد هو: “التعليم مهنة الأنبياء”. لكن منذ سنوات والمعلمون الذين تتم مقارنتهم مع الأنبياء والعظماء في الجمهورية الإسلامية يتحدثون عن رواتبهم غير الكافية وعن أوضاعهم المعيشية السيئة، ويَحتجون، ويَنشرون كشوفات رواتبهم، لكنهم لم يحصلوا على نتيجة مُرضية. وكانت نتيجة احتجاجاتهم هي استدعاؤهم واعتقالهم والحكم عليهم بالسجن.

ماذا نعرف عن مطالب المعلمين هذه؟ “توحيد الرواتب “و“نظام القبض المنسجم لرواتب موظفي الحكومة” من الموضوعات التي يطرحها المعلمون في الاتحادات النقابية. وتَزعم الحكومة أن العمل جارٍ على تطبيق مشروع توحيد رواتب الموظفين، لكن المعلمين يقولون إن الحكومة زادت نسبة ضئيلة إلى رواتب المعلمين بسبب موجات التضخم لكنها لم تُطبِّق مشروع توحيد الرواتب. وحول هذه الموضوعات نتحدث مع ثلاثة معلمين.

كم هي رواتب المعلمين؟

في الوقت الذي أُعلِن فيه أن خط الفقر في طهران هو 12 مليون تومان فإن الحد الأدنى من رواتب المعلمين الرسميين و الحكوميين في سنة 2020 كان 5 ملايين و800 ألف تومان، والحد الأدنى لرواتب المعلمين بدوام كامل في المدارس غير الحكومية في العام 2021 هي 3 ملايين و800 ألف تومان. وبالطبع فإن هذا الراتب لا يكون موحَّداً لجميع المعلمين؛ فالمعلمون في المدارس غير الربحية على سبيل المثال يعانون من ظروف أسوأ؛ والمبالغ التي يتقاضونها تتراوح بين 600 إلى 800 ألف تومان.

فضلاً عن المعلمين الرسميين والحكوميين في وزارة التربية والتعليم الإيرانية، هناك عقود مختلفة للمعلمين. فالمعلمون يَعملون في قوالب “خطة شراء الخدمة” و“الشراكة” و“النهضة” و“عقد عمل معيّن” و“التكليف”. وغياب الأمن في العمل هو أهم مشاكل هؤلاء المعلمين. وأحياناً يكون الحد الأدنى لرواتب بعض المعلمين أقل من الحد الأدنى لرواتب موظفي وزارة التعاون والعمل والرفاهية الاجتماعية.

من أين جاء موضوع توحيد الرواتب؟

حول هذا الموضوع يُشير “نجات بهرامي”، النائب السابق للعلاقات العامة في وزارة التربية والتعليم، إلى أن لتوحيد الرواتب جذوراً في “قانون إدارة الخدمات في إيران”، ويرى أنه مفصل كثيراً، ويقول لإيران وير: “أحد الأهداف المهمة لقانون إدارة الخدمات في إيران الذي أُقِرّ في العام 2007 كان ألا تَكون هناك فروق كبيرة بين رواتب الموظفين؛ بحيث تقترب الرواتب العالية والمتدنية من بعضها درجةً درجة من خلال وضع سقف للرواتب في الدوائر الحكومية حيث كانت الرواتب عالية وفي الدوائر التي كانت رواتبها متدنية؛ لكن هذه القضية لم تُطبَّق على أرض الواقع. ومنذ أوائل هذه الألفية والحكومات تتذرع بالعجز في الموازنة ولم تطبق هذا القانون، لكنها تضيف إلى رواتب الموظفين كل عدة سنوات مبلغاً تحت عنوان ‘خاص للغاية’؛ ومردُّ ذلك إلى التضخم والوضع المعيشي السيئ. ودائماً ما تدعي تلك الحكومات أنها في صدد توحيد رواتب الموظفين والمتقاعدين، لكن أصل القانون لا يُطبَّق لأن له أعباءً مالية هائلة”.

وبموجب كلامه، كان المسؤولون في الحكومة يقولون في سنوات ما بعد إقرار قانون إدارة الخدمات: “في إطار العمل بهذا القانون أضفنا في هذه السنة مليون تومان مثلاً إلى رواتب المعلمين”.

وحين جاءت فجأة زيادة رواتب المعلمين بنسبة 25 بالمئة في العام 2019، قال المسؤولون: “هذه الزيادة في إطار خطة التصنيف. لكن لم يكن بينها وبين التصنيف أي ارتباط. كانت هناك موجة من التضخم وقامت الحكومة بتعويض نسبة طفيفة لا تكاد تُذكَر. لو كان أصل هذا القانون قد طُبِّق لكان ينبغي أن تزداد رواتب الجميع على نطاق واسع وبنسبة مرتفعة؛ لكن الحكومة لم تكن قادرة على دفع هذه المبالغ. وبالتالي تملصت من تطبيق القانون”.

ما مصير زيادة الرواتب في الخطة السادسة للتنمية؟

مع إقرار إدارة الخدمات في إيران، تم كذلك إقرار قانون توحيد قبض الرواتب وتوحيد رواتب المتقاعدين والعاملين في جميع الأجهزة، وأُدرِجت في قانون الخطة السادسة للتنمية.

وبهذا الخصوص يضيف نجات بهرامي: “تؤكد الخطة السادسة على هذا الموضوع تأكيداً مهماً. والعام الجاري هو آخر عام لتطبيق قانون الخطة السادسة للتنمية. أما الخطة السابعة للتنمية فلم تُدوَّن حتى الآن، وليس معلوماً متى ستُدوَّن، وما مدى جدية متابعة المسؤولين لها. وقضية أن المعلمين وغيرهم نزلوا إلى الشوارع في هذا العام أكثر من الماضي فهذا يَعود إلى أن مهلة هذا القانون إذا انتهت فسيُصبحون بلا أي نصير. ومخاوفهم وجيهة ومحقة. ولهذا نشهد تجمعات واحتجاجات المعلمين وغيرهم من الموظفين”.

ما ردة فعل المعلمين إزاء عدم تطبيق القانون؟

جواباً عن هذا السؤال، يقول “محمد حبيبي”، المتحدث باسم “نقابة المعلمين الإيرانيين”: “كان هناك قانون قد أُقِرّ في المجالس قبل وصول محمود أحمدي نجاد إلى رئاسة الجمهورية. وفيه أُلزِمت الحكومة على توحيد الرواتب بين الموظفين. لكن أحمدي نجاد لم يَقبل بهذا القانون؛ الأمر الذي أفضى إلى تجمعات واحتجاجات عامَـي 2006 و2007، فتم قمعها والتنكيل بها. كما تم اعتقال بعض المحتجين وانهالوا عليهم ضرباً وشتماً”.

بحسب حبيبي، صار هذا القانون من الماضي ولم يَلقَ اهتماماً في إدارة الرئيس السابق “حسن روحاني” أيضاً: “هذه مطالب نطرحها تحت قضية التصنيف، ذلك أن لنا مَطلبَين رئيسيَّين؛ الأول هو التطبيق الكامل لخطة التصنيف، والثاني توحيد رواتب الموظفين والمتقاعدين. وهذا التوحيد هو تطبيق لقانون إدارة الخدمات التي تمتنع الحكومات عن تطبيقها. ودوماً نستفهم عن سبب عدم تطبيقه”.

كيف تم تطبيق توحيد الرواتب في التعليم العالي؟

جواباً عن هذا السؤال، يقول “أبو الفضل رحيمي شاد”، عضو نقابة المعلمين في طهران، لإيران وير: “تم إخراج التعليم العالي من قانون إدارة الخدمات إخراجاً تاماً ووُضِع في إطار مؤسسات المجالس الإدارية ومجالس الأمناء. وبهذه الصيغة أصبح المجلس الإداري هو الذي يُحدِّد طبيعة الرواتب ونوعها. والرواتب التي يتقاضاها اليوم أساتذة الجامعات تُشكل أربعة أو خمسة أضعاف الرواتب التي يتقاضاها المعلمون”.

ما هي مطالب المعلمين؟

بخصوص مطالب المعلمين يقول رحيمي شاد: “إما أن يَخرج المعلمون أيضاً مثل أساتذة الجامعات من تحت عباءة قانون إدارة الخدمات ويتم إدراجهم في مجالس الأمناء، أو يتقاضوا، بحسب الخبرة والمرتبة، ما لا يقل عن 80 بالمئة من راتب الأستاذ الجامعي. فإذا افترضنا أن أستاذاً جامعياً تم تعيينه منذ 10 سنوات، فينبغي أن يتقاضى معلم تم تعيينه منذ 10 سنوات على الأقل 80 بالمئة من راتب ذلك الأستاذ الجامعي، أو إذا كان بروفيسور جامعي له 30 سنة خبرة ويتقاضى راتباً معيناً، فينبغي أن يتقاضى المعلم الحامل لشهادة الدكتوراه والعامل في وزارة التربية والتعليم النسبة نفسها”.

هذا المعلم الذي يدرّس في مدارس طهران يقول: “لقد قاموا بخداع يقول إن الحد الأقصى للزيادة يساوي الحد الأدنى لأستاذ جامعي في أول تعيينه؛ ما معناه أن معلماً ذا خبرة بين 20 إلى 30 سنة يتقاضى 80 بالمئة من راتب أستاذ جامعي تَعيّن اليوم! هذا الخداع لا يَقوم على المنطق وعلى ذلك القانون”.

لماذا لم تطبِّق الحكومات الإيرانية قانون توحيد رواتب المعلمين؟

رداً على هذا السؤال، يقول العضو في اتحاد نقابة المعلمين في طهران لإيران وير: “ما يُطرَح في دفع الرواتب، له منطق سابق. ففي نظام اقتصاد السوق الحرة يتركز الاهتمام على قيمة بضاعتك. وعلى أساس بضاعتك في منحنى العرض والطلب وقيمة عملك يتم دفع الراتب لك. وفي أنظمة مثل النظام الإيراني الذي لا يَسير وفق هذا المنطق، فإن الحكومات تفترض أن هذه الطريقة تتسبب في الفروق بين شرائح المجتمع أو من الممكن أن تُلحِق الضرر بالكرامة الإنسانية وتُسيء إليها. وهذه الأنظمة تُقيم نوعاً خاصاً بها من نظام توزيع الامتيازات طبقاً لظروف المجتمع واحتياجاته”.

وبحسب اعتقاده، ليس هناك وضوح لنوع من الفوضى في إيران: “بيننا وبين الدول التي ترتكز على المنطق في تحديد الرواتب والامتيازات فارق كبير جداً؛ فنحن نتصرف في هذا الباب بطريقة أكثر عنصرية منهم. ومع هذا، قاموا في مجال الوظائف الحكومية بسَنّ قانون إدارة الخدمات لإزالة التمييز العنصري بين موظفي الدولة في إيران. وبالتالي فإن بعض الأمور، مثل مستوى الدراسة والخبرة والمهارة ونسبة مخاطر العمل وحساسيته وأهميته الخاصة؛ كل هذا يؤثر في تحديد الراتب ويؤدي إلى إيجاد الخلافات”.

يتابع فيقول: “في نظام الانسجام في الدفع والقبض، يتم فصل الوحدات التعليمية وموظفي التعليم عن بقية الموظفين وذلك من خلال الأمن الذي يَكون للتعليم. وقد أُخِذت في الاعتبار نسبة 10 بالمئة كزيادة للمعلمين عن رواتب بقية موظفي الدولة في أحد بنود قانون إدارة الخدمات. وقد تم تطبيق بعض الزيادة الخاصة لبقية الموظفين لكنها لم تُطبَّق للمعلمين طيلة السنوات الأربع الأخيرة، ما تسبب في بقاء مستوى الرواتب والفروق بين رواتب المعلمين وبقية الموظفين على حاله”.

ويردف قائلاً: “بالنظر إلى عدد المعلمين فإن تعويض هذه الفروق يتطلب موازنة خاصة أو توفير أموال كثيرة. ومع تعاظم هذا الفارق تَشعر الحكومة أن هناك مشاكلَ تقف حائلةً دون تعويضها”.

ورداً على سؤالِ لماذا لا تهتم الحكومات الإيرانية المتعاقبة بالمعلمين، يقول نجات بهرامي: “منذ إقرار قانون إدارة الخدمات في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، يُعتبَر المالُ السببَ الرئيس في عدم تطبيقه، علماً أن إقرار القانون يبيّن نيّةَ السلطات التنفيذية في تطبيقه. ولذلك أقرُّوا تفاصيل القانون أيضاً وأدرجوها في الخطة السادسة للتنمية. لماذا لم يُطبَّق؟ أعتقد أن هذا مرتبط بتوجهات الحكومات في السنوات الماضية، والتكاليف الباهظة؛ ولا سيما مع بروز قضية البرنامج النووي على السطح والعقوبات القاصمة للظهر التي فرضها الغرب في عهد أحمدي نجاد. منذ عدة عقود وليست لدى إيران علاقة جيدة مع العالم؛ الأمر الذي زادت حدته بعد أحمدي نجاد. والأهم من هذا كله وجود جبهات جديدة فتحها النظام الإيراني في المنطقة مثل سوريا واليمن و…، وهذا حمّل الشعبَ الإيراني تكاليفَ طائلةً، وأدّى إلى نسيان الموظفين والعمال أو إلى خروجهم من دائرة الأولويات. والشرائح الضعيفة والموظفون والطبقة المتوسطة أصبحت حطباً لصراعات النظام الإيراني إقليمياً ودولياً. لقد دخل دخان تلك الحروب في عيون تلك الشرائح، لأن النظام يهتم بأولويات أخرى وصَرَف الموازنة في أماكن أخرى”.

استناداً إلى كلامه فإن زيادة الضغوطات على الطبقات الضعيفة أدت إلى إشعال الاحتجاجات وخلق أزمة شرعية النظام داخل إيران، فاضطر النظام إلى صرف الموازنة المتبقية على قمع المحتجين. في هذه السنوات التي يعاني فيها الشعب من الضغوطات الاقتصادية، حصلت المؤسسات الدعائية مثل هيئة الإذاعة والتلفزيون، والحوزات العلمية، والمؤسسات العسكرية والأمنية على موازنة أكبر، وهكذا يُعرِّض النظامُ شرعيتَه للخطر مع توسُّع نطاق الفقر. ولتعويض ذلك فهو يتوسَّل بالمؤسسات الدعائية والأمنية التي يُقدّم لها أموالاً أكثر ليتسنى لها التحكم بالمجتمع. إن الأزمات الإقليمية والدولية وهذه المقاربة الخاطئة للنظام الإيراني في التحكم بالمجتمع بقصد الحيلولة دون الاستياء الشعبي أدى إلى تفريغ خزينة الدولة وإلى تعرُّض طبقات المجتمع المختلفة لمزيد من الضرر”.

إرسال تعليق

Ad Component