close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
تقارير

تعايش الأديان وفق رواية الصحفية الإيرانية الإسرائيلية مجكان نوي

9 مارس 2022
٦ دقيقة للقراءة
مصدر الصورة:إيران وير بالفارسي
مصدر الصورة:إيران وير بالفارسي

مريم دهكردي- إيران وير

مع اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، تقلصت حصة الأقليات الدينية في الحياة الاجتماعية في إيران. وبحسب إحصائيات نشرها مركز الإحصاء الإيراني، فقد تضاعف عدد المسلمين في إيران مرة ونصف في الفترة بين عامي 1976 وحتى عام 2016، بينما ظل عدد الأقليات الدينية ومن رفضوا إعلان دينهم ثابتًا تقريبًا خلال هذه الفترة. وهذا يدل على أن عددًا كبيرًا من غير المسلمين الذين يعيشون في إيران قد اضطروا إلى الهجرة.

كان اليهود إحدى الأقليات الدينية التي كانت نشطة في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لإيران قبل الثورة، واضطرت بشكل واضح للهجرة بعد انتصار الثورة.

وفقًا للإحصاء السكاني الذي أُجري في إيران عام 1956، كان هناك نحو 65 ألف يهودي يعيش في إيران. بينما بلغ عدد اليهود اليوم أقل من 10 آلاف شخص. إن معاداة مؤسس الجمهورية الإيرانية لليهود وهو ما اتضح في أغلب خطاباته منذ الستينات، والخوف من الاتهام بالتجسس لصالح إسرائيل والموساد، هو ما دفع بعض اليهود الإيرانيين إلى مغادرة وطنهم حتى قبل انتصار الثورة.

أجرى موقع إيران وير حوارًا مع الصحفية والمترجمة الإيرانية الإسرائيلية “اورلي نوي” (مجكان آبكينه ساز) حول التعايش السلمي للأديان المختلفة في إيران قبل الثورة.

“كان والدي ووالدتي من يهود أصفهان. وعائلتي الرئيسية هي آبكينه ساز. كنتُ في التاسعة من عمري حينما غادرنا إيران برفقة والدي ووالدتي وشقيقي. لم تكن الثورة قد اندلعت بعد. في الواقع، لقد غادرنا إيران في 17 يناير 1979. ورغم ذلك لدى العديد من الذكريات عن إيران. أتذكر جيدًا حينما كنا نذهب إلى أصفهان كل إجازة صيفية. أتذكر جيدًا الشتاء في متزلج شميران ورحلاتنا إلى شيراز”.

تبدأ مجكان نوي الحوار بهذه الجمل. وتقول في معرض ردها عن سبب تغيير اسم أسرتها: “نوي هو اسم عائلة زوجي، ومعناه جميل. وقد غيرتُ اسم عائلتي إلى اسم عائلة زوجي بعد الزواج لأن آبكينه ساز رغم معانيه الجميلة، إلا أنه كان صعب النطق والكتابة في إسرائيل”.

فترة الطفولة

تتذكر هذه الصحفية جيدًا أنها بعد مغادرة إيران ووصولها إلى إسرائيل، كانت هي وشقيقها يقضيان بعض الوقت هناك بمفردهما لحين عودة والديهما إلى إيران لتنظيم شؤون الحياة: “لم تكن الحرب العراقية الإيرانية قد بدأت بعد. وكانت الحدود مفتوحة ولم يبلغ تشدد اليهود في مغادرة إيران ذروته. عاد والداي إلى إيران لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر لبيع المنزل وكل ما يمتلكونه لأننا ذهبنا خالي الوفاض”.

وتقول حول ظروف الحياة والتعايش بين الأقليات الدينية في إيران قبل الثورة: “كنا أسرة من الطبقة المتوسطة. كانت حياتنا بسيطة للغاية. كان والدي يعمل مديرًا في أحد أفرع بنك الصادرات، وكانت أمي ربة منزل. كان هناك حي لليهود في طهران؛ لكننا كنا نعيش في منطقة أخرى محاطين بجيران من المسلمين والبهائيين والأرمن. تعلمتُ أنا وشقيقي في مدرسة كوروش وهي مدرسة مخصصة للأطفال اليهود؛ وهذا يعني أننا درسنا العبرية والتوراة. ولكن كان في مدرستنا أيضًا أطفال من غير اليهود ولا سيما من الأقليات المسيحية والزرادشتية”.

تتذكر مجكان نوي ذكريات أيام الدراسة في مدرسة كوروش، وتتذكر صديقتيها المقربتين، وتقول: “كان أقرب أصدقاء لي في فترة طفولتي في طهران هما فتاتين واحدة أرمنية والأخرى زرادشتية. وكان لدي صديقة مسلمة وكانت جارتي وزميلتي في الصف. كانت أسرتها تعرف الكثير من المعلومات عنا، فقد كانوا يعرفون أننا لا نأكل الخبز في عيد الفصح. فحينما كنت أذهب إلى منزلهم في هذا الوقت، لم تكن والدة صديقتي تقدم لي الخبز أو الحلوى المصنوعة من الدقيق، وكانت تراعي هذا الأمر”.

وفق ما قالته مجكان نوي، في فترة طفولتها كانت حرية العقيدة في إيران تتجلى بكل وضوح في حياة المواطنين ومختلف الأبعاد الأخرى: “لا أقول إن كل شيء كان رائعًا في ذلك الوقت، لأنه كما تعرفون أنا صحفية ناقدة وأدافع عن السلام. وكما انتقد النظام الإيراني بسبب سلوكياته السياسية وتعامله مع المواطنين، فإنني انتقد أيضًا الحكومة الإسرائيلية بكل جدية. لكن ملاحظاتي من خلال حياتي وحياة من حولي في فترة ما قبل الثورة، تؤكد أن الناس كانوا يعيشون معًا في سلام ويتمتعون بحقوق المواطنة رغم عدم وجود حرية التعبير”.

تذكر نوي مثال آخر على التعايش بين اليهود والمسلمين في إيران قبل الثورة، وتقول: “تزوجت إحدى أقارب والدتي من رجل مسلم. كنتُ طفلة آنذاك، لكني لا زلت أذكر حبهما الواضح، وأتذكر أيضًا أسرته المسلمة التي كانت قد تمردت على الأمر. لقد أصبح العريس المسلم صديق حميم لوالدي. وكان يقيم في بندر عباس، وقد زرتهم مع أسرتي مرارًا. ولم يحدث أن نبذت أسرتنا هذه الفتاة بسبب زواجها من رجل مسلم، أو طالبت الأسرة المسلمة تغيير عقيدة العروس أو تقييد علاقتها بأسرتها. ربما لم يكن هذا الأمر عاديًا، لكن لم يكن أمرًا متأزمًا أن تتزوج يهودية من غير اليهود”.

توفي والد مجكان “موسى آبكينه ساز” قبل عدة سنوات بعيدًا عن إيران. بينما والدتها “برفانه فرهاديان” مريضة ولا يمكنها الحديث عن الماضي بسبب أعراض السكتة الدماغية. ولكن بسؤال مجكان عن أي ذكرى غير سعيدة بسبب العنصرية في إيران، قالت: “الحق أنه لا توجد مثل هذه الذكريات بالحجم الذي يؤثر على حياتنا. على سبيل المثال، عمل والدي مديرًا للبنك لسنوات طويلة وتقلد العديد من المناصب الجيدة. كما خدم في الجيش الإيراني، حتى أنه لا زالت لدينا صورة له على طاولة أمي وهو يتلقى هدية -ساعة- من الشاه. لكنني أذكر أنه حينما كنا نذهب إلى منزل جدي وجدتي في أصفهان، كان يعيش بجوارهما رجل مسلم متشدد للغاية، ولم يكن مستعد مطلقًا للسير خلف أي يهودي داخل الزقاق. فكان يخطو خطوات سريعة ليتقدم علينا. وكانت هذه بمثابة لعبة لنا. وقد كتبت قبل عدة أيام على تويتر أنني لم اسمع من والدي ووالدتي مطلقًا أن الشعب الإيراني قد استخدم كلمة جهود في وجههم، لكن هذه الفترة رأيتُ مرارًا استخدام هذه الكلمة لإهانة اليهود.

الارتباط بالثقافة والفن الإيراني

قضت مجكان نوي جزءًا قصيرًا من طفولتها في إيران بينما ترعرعت في بلد أخرى على عداء دائم مع مسقط رأسها. لكنها تقول إنها حاولت طيلة السنوات الماضية إبقاء الثقافة والفن الإيراني في حياتها وحياة أسرتها، حيث تقول: “زوجي أوروبي إسرائيلي، ولدينا فتاتان لا يتحدثان الفارسية للأسف، لكنني احتفل كل عام بأعياد النيروز عبر تجهيز مائدة الهفت سين (أي السينات السبع). وأدعو أصدقائي من غير الإيرانيين وأشرح لهم ما المقصود بكل شيء على هذه المائدة. ورغم أننا نباتيين وأغلب الأطعمة الإيرانية تحتوي على لحوم، إلا أنني أطهو كل الأطعمة الإيرانية ولكن بدون لحوم. بناتي يعشقن الفسنجان والقورمة سبزي، كما يستمعن للموسيقى الإيرانية دون معرفة معاني أشعار سيما بينا وشجريان.

رغم مغادرة هذه المترجمة لإيران وهي في التاسعة من عمرها، إلا أنها تتحدث الفارسية بطلاقة. وفي عام 2012، قامت بترجمة واحدة من أهم الروايات الإيرانية الساخرة وهي “خالي العزيز نابليون” للكاتب “ايرج بزشكزاد” إلى اللغة العبرية.

 وفي 12 يناير 2022، توفي ايرج بزشكزاد في لوس أنجلوس عن عمر يناهز 94 عام، وتقول مجكان نوي: “أتذكر جيدًا كيف كانت رعشة يدي حينما اتصلت بالسيد بزشكزاد لأخبره بأنني نشرت الترجمة العبرية لروايته خالي العزيز نابليون”.

قالت مجكان نوي في حوار مع إذاعة راديو فردا وفور انتهائها من ترجمة هذه الراوية، إن الغرض من اختيار هذه الرواية لترجمتها إلى العبرية هو “مساعدة الإسرائيليين على التعرف على إيران والمجتمع الإيراني”، وقالت: “هذا الكتاب يحول دون اتخاذهم موقف أحادي الجانب نابع من العداء والخصومة؛ ذلك الموقف الذي قد يصور الإيرانيين بدون ثقافة أو ماض أو تاريخ؛ في حين أننا نتحدث عن أمة ودولة ذات ثقافة عريقة وحضارة ثرية”.

إرسال تعليق

Ad Component
أخبار

لبنان: اتجاه لإيقاف استيراد اللحوم الحية والمبردة والمثلجة

9 مارس 2022
فاطمة العثمان
١ دقيقة للقراءة
لبنان: اتجاه لإيقاف استيراد اللحوم الحية والمبردة والمثلجة