close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
تقارير

مشروع برلماني جديد في إيران: زيادة تخصيب اليورانيوم وسَجن المسؤولين المعارضين له

3 ديسمبر 2020
دانة سقباني
٤ دقيقة للقراءة
صورة تعبيرية عن مصنع طاقة نووية. مصدر الصورة: flickr
صورة تعبيرية عن مصنع طاقة نووية. مصدر الصورة: flickr

فرامرز داور – إيران وير

قدّم أعضاء مجلس الشورى مشروعا لو أصبح قانونا لألزم الحكومةَ بالعودة إلى الوضع السابق بشأن الاتفاق النووي، وفي حال انتهكه مسؤولو الحكومة فعقوبة السَّجن في انتظارهم. لكن إذا تَقنَّن هذا المشروع فما الآثار التي سيُخلِّفها في العلاقات الخارجية والداخلية للنظام الإيراني؟

بعد يومين من اغتيال “محسن فخري زاده”، المسؤول الكبير في وزارة الدفاع والخبير في البرنامج النووي الإيراني، صوّت نوّاب البرلمان وهم يَهتفون بشعار “الموت لأميركا” و“الموت لإسرائيل” على “مشروع طارئ لإجراءات استراتيجية لرفع العقوبات”. ومن المقرر البتُّ في دراسة تفاصيله في جلسة علنية قريبا.

يحتوي المشروع المقترَح على مقدمة طويلة تفتقد للاحترافية في إعداد مسودات القوانين، الأمر الذي ينم عن مدى افتقار نوّاب البرلمان الحالي للاختصاصات الضرورية في مجال كتابة مشاريع القوانين. تتضمن هذه المقدمة دراسة تحولات البرنامج النووي ووقائع تطبيق الاتفاق النووي. واللافت أن هذا النظام لم يتقدّم بمثل هذه الجودة المتدنية من المشاريع حتى في السنوات الأولى من عمره.

وفي تسع مواد، تضع المسودة بعض الشروط وتنصّ على إلزام الحكومة بالعودة إلى الوضع السابق على الاتفاق النووي في غضون ثلاثة أشهر، ولأوّل مرة تهدد مسؤولي الحكومة “بالسجن” إذا امتنعوا عن تنفيذ هذا القانون.

أصل هذا المشروع يدعو إلى التوتر داخليا وخارجيا

تُطالِعنا في هذا المشروع مواد باعثة على التوتر، ما قد يُدخل النظامَ الإيراني في مشاكل جديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ فالمسودة تُلزِم الحكومة بإنتاج 120 كيلوغراما من اليورانيوم المخصَّب بنسبة 20% سنويّا، وهذا أحد أكثر المحاور الـمُقلقلة للمجتمع الدولي قبل إبرام الاتفاق النووي؛ أي ينبغي أن يَصل إنتاج اليورانيوم المخصب إلى 500 كيلوغرام بنسبة قليلة شهريا. وينظر المجتمع الدولي إلى هذه الخطوة على أنها تقليص الزمن المطلوب لصناعة محتملة للقنبلة الذرية.

كما تُجبِر المسودةُ الحكومة على نصب وتفعيل ألف جهاز من الجيل الجديد لتخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو حتى نهاية شهر مارس/آذار 2021؛ وهذا معناه زيادة سعة تخصيب اليورانيوم في مركز لم يكن من المقرر أن تَنجَز فيه هذه العمليات وفقا للاتفاق النووي.

كما يجب أن يبلغ وضع الماء الثقيل في مفاعل أراك إلى ما كان عليه قبل الاتفاق النووي؛ أيْ حين كان في استطاعته إنتاج البلوتونيوم الممكن استعماله في السلاح النووي. ومن أكثر الأشياء الخالقة للتوتر أن المشروع يمنح الحكومةَ ثلاثة أشهر فقط لتُوقِف بعدها العمل بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية إذا لم تشترِ أوروبا النفط الإيراني.

وفي هذا السياق، تُجيز معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية لمفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن يُفتّشوا مراكز إيران النووية لساعات فقط، وذلك بعد الإعلان عن حاجتهم إلى هذا التفتيش، كما تَمنحهم فرصة أخذ عيّنات من مراكز يُشتبَه بها لكنها ليست نووية بالضرورة، والغرض هو التأكد من عدم القيام بالنشاط الإشعاعي الطبيعي.

وإذا وجد المفتّشون دلائل على العمل بمواد نووية في مركز غير معلَن عنه كان في مستطاعهم المطالبة بإجراء تحقيقات أكثر. وفي الوقت الراهن، يعيش هذا الوضعَ مركزٌ في منطقة تورقوزآباد بالقرب من طهران.

وفي حال تم الحصول على تصريح كهذا في الإشراف لا شك أن الأجواء الدولية ضد البرنامج النووي الإيراني ستتحرك وتنتعش مرة ثانية.

وإذا أضحى هذا المشروع قانونا وصادق عليه مجلس صيانة الدستور فإن امتناع رجال الحكومة ومسؤوليها عن تطبيقه يَحمل لهم السجن مدة عشر سنوات والفصل الدائم من الدوائر الحكومية.

“مشروع الإجراءات الاستراتيجية لرفع العقوبات” من الوثائق الرسمية القليلة للنظام الإيراني الذي يشير إلى “الإشراف خارج معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية على أساس الاتفاق النووي”، ويُلزم الحكومة بإيقاف العمل به بعد شهرين من إقرار هذا القانون.

والمقصود بهذا الإشراف هو إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ 25 سنة على تعدين اليورانيوم الطبيعي الإيراني، لكن إذا كان الإشراف على أساس النصوص السرية التي لم يطّلع عليها الرأي العام حتى الآن فإن المسودة الطارئة أيضا لا تشير إليه مباشرة وتمر عليه مرور الكرام.

مَهام غير متوقّعة يطلبها البرلمان من خامنئي

إجمالا، يَسعى هذا المشروع الطارئ لأعضاء البرلمان إلى إعادة الأوضاع إلى ما قبل الاتفاق النووي بعد ثلاثة أشهر كحد أقصاه من إقراره. يأتي هذا في حين أن النظام الحاكم في إيران خلافا لما يروِّج له ما يزال ملتزما بتطبيق الأجزاء الحساسة من الاتفاق النووي تطبيقا تاما رغم انسحاب أميركا منه وفرضها أقسى العقوبات عليه.

ومراعاة النظام للأجزاء الجوهرية في الاتفاق النووي تشمل تجنُّب إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، والاستمرار في العمل بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والموافقة على تفتيش وتحقيق مفتشي الوكالة الدولية، كل ذلك يَحدو بالمجتمع الدولي إلى عدم إبداء حساسية كبيرة رغم تزايد احتياطات اليورانيوم المخصب إلى 12 ضعفا لما ورد في الاتفاق النووي، ذلك أن الوكالة تشرف إشرافا دقيقا وشديدا على أنشطة النظام الإيراني.

والآن نرى البرلمان الحادي عشر المعروف بأنه الأقرب إلى خامنئي يريد الحيلولة دون تطبيق الأجزاء الحساسة والمفتاحية من الاتفاق النووي.

وسَيرا على منهجه في السنوات الأخيرة، حتى إن لم يَحُلْ خامنئي دون إقرار المشروع في البرلمان ولم يمنع المصادقة عليه في مجلس صيانة الدستور، فمن غير أدنى شك لن يَعهد بمصير الاتفاق النووي إلى برلمانٍ لطالما منعه حتى من أنشطة “سخيفة”.

جدير بالإشارة أن الاتفاق النووي في إيران يَخضع لإشراف مجموعة يثق بها خامنئي يُطلَق عليها “لجنة الإشراف على تطبيق الاتفاق النووي”؛ وأعضاؤها هم رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ووزير الخارجية ووزير الدفاع ورئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية وممثّلا خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي و“علي أكبر ولايتي” مستشار المرشد الأعلى في الشؤون الدولية.

خامنئي هو من أسس هذه اللجنة التي تَتخذ جميع أنواع القرارات المتعلقة بالاتفاق النووي، ومنها تقليص التزامات إيران به. وفي حال قرر خامنئي خفْض الالتزام بالاتفاق النووي فقد يُبدي ظاهريا أنه ناجم عن قرار البرلمان، وهذا ما فعله أثناء إقرار الاتفاق النووي نفسه، لكن البرلمان الحادي عشر ليس في موقع يُخوِّله بحال من الأحوال اتخاذ قرار مصيري كإيقاف العمل بالاتفاق النووي.

وبالنظر إلى فوز جو بايدن في الرئاسة الأميركية وتصريحاته عن احتمالية عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، يُستبعَد أن يُقدِم النظام الإيراني على خطوة إيقاف اتفاقٍ لن تُخلَّ بالأوضاع وتُحرِّمه من حظوظه في إلغاء العقوبات عنه وحسب بل ستُؤلّب عليه المجتمع الدولي مرة ثانية.

إرسال تعليق

Ad Component
تقارير

خامنئي.. “أسد على الشعب، نعامة أمام الأجنبي”

3 ديسمبر 2020
دانة سقباني
٦ دقيقة للقراءة
خامنئي.. “أسد على الشعب، نعامة أمام الأجنبي”