close button
انتقل إلى إيران وير لايت؟
يبدو أنك تواجه مشكلة في تحميل المحتوى على هذه الصفحة. قم بالتبديل إلى إيران وير لايت بدلاً من ذلك.
تقارير

هل يجهض "حزب الله" نتائج الانتخابات النيابية في لبنان بحجة التوافق؟

3 فبراير 2022
عماد الشدياق
٧ دقيقة للقراءة
هل يجهض "حزب الله" نتائج الانتخابات النيابية في لبنان بحجة التوافق؟

يقترب موعد الانتخابات النيابية في لبنان، بينما تنتظر الأحزاب اللبنانية هذا الموعد لإعادة كسب الشرعية التي فُقد جزء منها بسبب الاحتجاجات عام 2019 ، بينما تعتبر الجهات التي شاركت في الاحتجاجات ، هذه الانتخابات فرصة ثانية من أجل التغيير واستكمال العمل للمطالبة بإصلاح سياسي، ومناهضة للطبقة السياسية الحاكمة التي رفضت إجراء انتخابات نيابية مبكرة بداية الاحتجاجات.

ورغم قرب موعد الانتخابات والذي حدد سابقا في ( 15 أيار/مايو المقبل)، إلا أن موقع وزارة الداخلية، والذي خصص للانتخابات النيابية، يُظهر عدم ترشّح أي شخص حتى اللحظة، وسط شكوك بقدرة الدولة على إجراء هذه الانتخابات نتيجة الأزمة الاقتصادية، على الرغم من الضغوط الدولية التي تطالب بإجرائها في موعدها، وكان آخر المطالبين بإجرائها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس الذي زار لبنان نهاية العام الفائت وحصل على تأكيدات من الزعماء اللبنانيين على إجرائها في موعدها.

وسط هذا كلّه، انتشر تصريحان لمسؤولين بارزين في “حزب الله” هما نائب الأمين العام في الحزب (نعيم قاسم) ورئيس الكتلة النيابية ( محمد رعد) ، أنذرا باحتمال قيام “حزب الله” بخلط الأوراق في حال لم تأت نتائج الانتخابات في صالحه، هذان المسؤولان اعتبرا أنّ ما تفرزه الانتخابات من أكثرية وأقلية لن يكون ذات أهمية، وأنّ الرهان معقوداً على توافق اللبنانيين. 

ففي يوم الأربعاء 29 كانون الأول/ ديسمبر، قال نائب الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم، إنّ “حزب الله” غير مهتمّ بـ”معادلة الأكثرية والأقلية، ولا أعتقد أنّها ستكون معياراً كائناً من كان في الأكثرية وكائناً من كان في الأقلية”، مبيّناً أنّ “المعيار هو من يحمل رؤية لخدمة وحماية الناس بقوة الالتفاف الشعبي، وهذا هو المعيار الذي سيؤثّر في رسم مستقبل لبنان خلال السنوات الأربع المقبلة”.

قاسم اعتبر أنّ المشاركة في الانتخابات مهمة ومفصليّة “ولا يجوز أن نترك لبنان لأولئك الذين يريدون تخريبه بعناوين مختلفة”، وأضاف أنّهم في الحزب “مطمئنون إلى نتائج الانتخابات التي ستؤكّد حضورنا كحزب وقوّة ومتانة تمثيلنا للناس”.

أمّا رئيس كتلة (الوفاء للمقاومة) النائب محمد رعد، قال في 21 تشرين الثاني/نوفمبر، أي قبل تصريح قاسم بنحو شهر: “إذا كان هناك من يراهن على انزلاقة من هنا أو تزوير انتخابات من هناك أو استغلال فرصة ربما تغير المشهد، نقول إنّ هذا البلد رهن إرادة أبنائه فقط، وتوافق أبناؤه على تسوية سياسية قوامها الديمقراطية التوافقية، والذي يريد أن يحكمنا غداً بأكثرية، عليه أن يدرك أنّ “الأكثرية التي حكمت لم تستطع أن تحكم”.

ما هي الديمقراطية التوافقية؟

يعرّف أمين عام جبهة “المعارضة اللبنانية”، الدكتور زياد عبد الصمد لـ “إيران وير”، الديمقراطية التوافقية على أنّها “صيغة من صيغ النظم الديمقراطية التي تعتمدها المجتمعات التي تتميز بالتعددية”، بمعزل عن شكل هذه التعددية إن كان عرقية أو دينية أو إثنية، هذه الصيغة “تُعتمد من أجل ضمان وحماية حقوق مختلف المكونات في المجتمع”، ومن شأن “الديمقراطية التوافقية” في نظره، أن “تؤمن الحماية للأقليات من هيمنة الأكثريات، وتوفر بذلك قسطاً من الاستقرار الاجتماعي والسياسي”.

أما في لبنان، يعتبر عبد الصمد أنّ هذا النوع من الديمقراطية اعتُمد لأنّ هذه الصيغة “توازي ما تم التوافق عليه بين اللبنانيين”، والذي يُسمى بـ”صيغة العيش المشترك”، تلك الصيغة المكرّسة في الدستور، وتحدياً في الفقرة التي تقول “لا شرعية لأيّ سلطة في لبنان لا تراعي مبادئ العيش المشترك”.

وتعتمد هذه الصيغة “الكوتا” الطائفية، بحيث يكون لكل طائفة حصّة في المراكز وفي السلطات، فتطوّرت بحسب عبدالصمد، أصبحت ديمقراطية توافقية قائمة على المزيد من “تعزيز المحاصصة وتقاسم النفوذ”، بمعنى آخر، نوع من أنواع تقاسم السلطة ، التي “تحوّلت تباعاً وباتت تعطي لكل مكوّن حقّ النقد”، وبالتالي بات لكل من هذه المكونات قدرته الخاصة على التعطيل.

ويرى عبدالصمد، أنّ المحاصصة وتقاسم النفوذ أديا مع الوقت إلى “تعطيل كل آليات المساءلة والمحاسبة أيضاً، فأوصلتا لبنان إلى الأزمة السياسي الذي يتخبّط بها اليوم”. 

ويضيف عبد الصمد أن “حزب الله يتمسّك بهذه الصيغة بالكامل”، لأنّها تسمح له بأن “يُطبِق هيمنته على هذا المجتمع التعددي”، هي مناسبة للحزب، لأنّه “غير قادر على الهيمنة على كامل لبنان إلاّ من خلالها، ولهذا يركّز على فكرة “لبنان محكوم ب”الصيغة التوافقية” حتى لو أدت الانتخابات إلى أكثرية وأقلية، وهذا ما يفسّر تمسكه بها”. 

هل التزم حزب الله دوماً بالتوافق؟ 

يقول عبدالصمد إنّ حزب الله “لم يكن متمسكاً بالديمقراطية التوافقية على طول الخط”، بل هناك استحقاقات ومحطات سياسية مرّ بها لبنان، بدأ معها “حزب الله” بتخليه عن التوافق، وأصرّ على التعطيل، بل أكثر من ذلك، ففي بعض المحطات “بالغ في رد فعله رفضاً لبعض القرارات الصادرة عن الحكومة، فوصلت المبالغة إلى حدود استعمال السلاح في الداخل ضد اللبنانيين من أجل تغيير قرار سياسي، و تغليب رأي على آخر”.

  • أحداث السابع من أيار/ مايو، في ذاك التاريخ هجوم “حزب الله” وحلفائه، في العاصمة بيروت بعد انسحاب وزرائه ووزراء حلفائه من الحكومة، وذلك يوم اتخذت الحكومة اللبنانية التي كان يرأسها فؤاد السنيورة، قرارين، قضى الأول بإقالة مدير جهاز أمن مطار رفيق الحريري الدولي، العميد وفيق شقير، والثاني مصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بـ”حزب الله”.

هذان القراران اعتبرهما حزب الله تجاوزاً للبيان الوزاري الذي يدعم “المقاومة”، فعلى خلفية ذلك أحكم مقاتلو الحزب سيطرتهم على مقرات “تيار المستقبل” الذي كان يرأس الحكومة، كما أحكموا سيطرتهم على مناطق نفوذ الزعيم وليد جنبلاط الذي كان حليفاً للمستقبل.

  • في 24 مايو/أيار 2014، انتهت ولاية رئيس الجمهورية ميشال سليمان، قاطع حزب الله وحلفائه الانتخابات الرئاسية لمدة سنتين، وأصروا على انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد، رافضين التوافق على اسم مرشح آخر، استمرّ التعطيل حتى 31 تشرين الأول/أكتوبر 2016 تاريخ انتخاب ميشال عون رئيساً بعد خضوع جميع الكتل النيابية لإرادة الحزب، واستبعاد المرشحين الآخرين. 
  • في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2021 الفائت، أرجأ الرئيس نجيب ميقاتي انعقاد جلسات الحكومة إلى أجل غير مسمى، واستمر إرجاؤها إلى اليوم، بسبب ملف التحقيق في مرفأ بيروت. “حزب الله” وحلفائه يرفضون طريقة عمل المحقق العدلي طارق البيطار ويعتبرون عمله منحاز ومسيّس ويطالبون بإقالته. وحينما وصلت عملية الإقالة بواسطة مجلس الوزراء إلى حائط مسدود نتيجة عدم التوافق على حلّ، أبدى “حزب الله” و”حركة أمل” عدم رغبتهما بالمشاركة في الجلسات، ما دفع برئيسها نجيب ميقاتي إلى تأجيل الدعوة إلى انعقاد مجلس الوزراء نحو 90 يوماً. 

الأسبوع الفائت أعلن “حزب الله” و”حركة أمل” عودتهما إلى اجتماعات الحكومة، وقالا في بيان إن عودتهما لعدم اتهامهما بالتعطيل واستجابة لمطالب المواطنين، لكنّ صحفاً لبنانية وعربية متابعة للملف (منها العربي الجديد التي كتبت تقريراً حول الأمر يوم الاثنين) كشفوا أنّ عودة الحزب إلى الحكومة سببه شلل ملف التحقيق إلى أجل غير مسمى بعد إحالة أحد القضاة على التقاعد. 

نتيجة ذلك باتت المحكمة المكلفة بالبت في طلبات الطعن في عمل البيطار غير مكتملة النصاب وبحاجة إلى تعيينات يُقرها مجلس الوزراء… وهذا يعني أنّ ما كان يطالب به “حزب الله” منذ بداية مقاطعة الحكومة، قد تحقق ولهذا عاد “حزب الله” مع حلفائه إلى المشاركة في اجتماعات الحكومة.

الديمقراطية التوافقية من أجل حماية السلاح؟

يعتبر الباحث في معهد “كارنغي” الدكتور مهنّد الحاج علي، أنّ مصطلح “الديمقراطية التوافقية” ظهر في المرحلة التي سبقت الانتخابات النيابية الماضية، أي في المرحلة الممتدة بين انتخابات 2009 وانتخابات 2018. في تلك المرحلة، كانت الديمقراطية التوافقية “حجة أساسية استخدمها حزب الله من أجل حماية سلاحه”. 

يعود الحاج علي إلى تلك المرحلة ويذكّر كيف ركّز “حزب الله” في أدبياته السياسية، في حينه، على مفهوم التوافق وذلك  من أجل “تبرير سياسات التعطيل التي انتهجها”.  

يعود الحاج علي أيضاً إلى الهجوم العسكري في السابع من أيار (راجع أعلاه) الذي ركّز في الادعاء على أنّ الحكومة من دون الوزراء الشيعة كانت “غير ميثاقية” (أي لا تراعي تمثيل جميع الطوائف فيها)، وبالتالي فإنّ قراراتها كانت غير  شرعية. 

يعتبر الحاج علي أنّ الاحتماء وراء التمثيل الطائفي كان ضرورياً في حينه من أجل “إبعاد ملف السلاح عن التداول وسط الأغلبية العددية، وفي قرارات ممثليها داخل البرلمان وفي الحكومة… ولهذا كانت “الديمقراطية التوافقية” بمثابة “خط دفاع متراجع عن سلاح حزب الله”.

ما مصير الانتخابات النيابية؟

عن مصير الانتخابات النيابية المقبلة، يميل الدكتور زياد عبد الصمد للرأي القائل إنّ حزب الله “يفضل عدم حصول الانتخابات، لأنّ شريكه المسيحي في السلطة (حزب رئيس الجمهورية ميشال عون، التيار الوطني الحر) لم يعد بقوته”، وبالتالي فإنّ الانتخابات “ستضعف حليف الحزب، وهذا بدوره يضعف من قدرة الحزب نفسه على المناورة في نظام المحاصصة، ولذلك “يفضل ألاّ تحصل الانتخابات من أجل المحافظة على المعادلة الحالية”. 

لكنّ عبد الصمد يعتبر أنّ تأجيل الانتخابات “ليس أمراً سهلاً” وذلك لأنّ هذا القرار “غير شعبي”، وقد “يُدخل لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي ذو العلاقة المأزومة أصلاً معه نتيجة هيمنة حزب الله على القرار اللبناني”، كما يضاف إلى ذلك “توتر علاقة لبنان مع محيطة العربية للسبب نفسه. ولذلك كله يمسي قرار تعطيل الانتخابات غير سهل”.

وفي الختام، يشير عبد الصمد إلى أنّ “الديمقراطية التوافقية” حينما تؤدي إلى اتخاذ قرارات أو اتجاهات سياسية لا تصب في صالح “حزب الله” سيقوم بتعطيل آليات العمل السياسي، من خلال “حق الفيتو”، لكن في حال كان التعطيل غير كافٍ، فهو يمتلك قدرة عسكرية وقد يلجأ إليها مثلما حصل من قبل! 

إرسال تعليق

Ad Component
تقارير

خبير علاقات دولية: لم يبتعد اليهود عن إيران.. بل هي من ابتعدت...

3 فبراير 2022
٤ دقيقة للقراءة
خبير علاقات دولية: لم يبتعد اليهود عن إيران.. بل هي من ابتعدت عنهم